قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع)(1)
قال السيّد:
«ألم تر كيف فعل ربّك يومئذ بمن جحد ولايتهم علانيةً، وصادر بها رسول اللّه صلّى اللّه وآله وسلّم جهرةً؟! فقال: اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم. فرماه اللّه بحجر من سجّيل كما فعل من قبل بأصحاب الفيل، وأنزل في تلك الحال: (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافعٌ)».
قال في الهامش:
«أخرج الإمام الثعلبي في تفسيره الكبير هذه القضية مفصّلة، ونقلها العلاّمة المصري الشبلنجي في أحوال عليّ من كتابه نور الأبصار، فراجع منه ص 71، والقضية مستفيضة، ذكرها الحلبي في أواخر حجّة الوداع من الجزء 3 من سيرته، وأخرجها الحاكم في تفسير المعارج من المستدرك فراجع ص 502 من جزئه الثاني»(2).
فقيل:
«ما ذكره المؤلّف في سبب نزول هاتين الآيتين باطل باتّفاق أهل العلم من وجوه كثيرة، أهمّها:
1 ـ الرافضة تعتقد أنّ قصّة سبب نزول هاتين الآيتين حصلت بعد يوم غدير خمّ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، بعد حجّة الوداع، وهم يتّخذون من هذا اليوم عيداً.
وهذه السورة ـ سورة (سأل سائل) ـ مكّيّة، باتفاق أهل العلم، نزلت بمكّة قبل غدير خمّ بعشر سنين أو أكثر من ذلك، فكيف نزلت بعده؟!
2 ـ وأيضاً: قوله تعالى (وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ…) الآية من سورة الأنفال، وقد نزلت ببدر بالاتّفاق قبل غدير خمّ بسنين كثيرة؛ وأهل التفسير متّفقون على أنّها نزلت بسبب ما قال المشركون للنبيّ قبل الهجرة، كأبي جهل وأمثاله. (منهاج السُنّة 4 / 13).
وأمّا قول المؤلّف في الحاشية: (القضية مستفيضة…)، فقد أخرجها الحاكم، عن سعيد بن جبير، أنّه سئل، فقال: (ذي المعارج): ذي الدرجات. (سأل سائل): هو النضر بن الحارث بن كلدة، قال: اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطِر علينا حجارةً من السماء.
وأشار الذهبي إليه بـ: (خ). المستدرك 2 / 502.
فأين دلالة هذه الرواية ممّا ذهب إليه المؤلّف وأَوهمَ به؟!».
أقول:
نذكر أوّلاً أسماء طائفة من رواة الخبر من أبناء العامّة، ليظهر بطلان قول القائل ـ تقليداً لابن تيميّة ـ: «باطل باتّفاق أهل العلم»، فنقول:
لقد وردت الرواية في كتب القوم عن عدّة كبيرة من الأعلام، ورواها الكثيرون من المحدّثين والمفسّرين المشهورين في كتبهم، وإليك الأسماء:
1 ـ أبو بكر السبيعي، المتوفّى سنة 126.
2 ـ سفيان بن سعيد الثوري، المتوفّى سنة 161.
3 ـ سفيان بن عيينة، المتوفّى سنة 198.
4 ـ أبو نعيم الفضل بن دكين، المتوفّى سنة 219.
5 ـ أبو عبيد الهروي، المتوفّى سنة 223 أو 224.
6 ـ إبراهيم بن حسين الكسائي، ابن ديزيل، المتوفّى سنة 281.
7 ـ أبو بكر النقّاش الموصلي، المتوفّى سنة 351.
8 ـ أبو إسحاق الثعلبي، المتوفّى سنة 427 أو 437.
9 ـ أبو الحسن الواحدي، المتوفّى سنة 468.
10 ـ الحاكم الحسكاني النيسابوري، المتوفّى سنة 470.
11 ـ سبط بن الجوزي، المتوفّى سنة 654.
12 ـ أبو عبداللّه محمّد بن أحمد القرطبي، المتوفّى سنة 671.
13 ـ شيخ الإسلام الحموئي الجويني، المتوفّى سنة 722.
14 ـ الشيخ محمّد الزرندي المدني الحنفي، المتوفّى بعد سنة 750.
15 ـ ملك العلماء شهاب الدين الدولة آبادي، المتوفّى سنة 849.
16 ـ نور الدين بن الصبّاع المالكي، المتوفّى سنة 855.
17 ـ نور الدين على بن عبداللّه السمهودي، المتوفّى سنة 911.
18 ـ شمس الدين الخطيب الشربيني القاهري، المتوفّى سنة 977.
19 ـ أبو السعود محمّد بن محمّد العمادي، المتوفّى سنة 982.
20 ـ جمال الدين المحدّث الشيرازي، المتوفّى سنة 1000.
21 ـ زين الدين عبدالرؤوف المناوي، المتوفّى سنة 1031.
22 ـ نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي، المتوفّى سنة 1044.
23 ـ أحمد بن باكثير المكّي، المتوفّى سنة 1047.
24 ـ شمس الدين الحفني الشافعي، المتوفّى سنة 1181.
25 ـ أبو عبداللّه الزرقاني المالكي، المتوفّى سنة 1122.
26 ـ محمّد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، المتوفّى سنة 1182.
27 ـ السيّد مؤمن الشبنلنجي المصري، المتوفّى بعد سنة 1322.
28 ـ الشيخ محمّد عبده، المتوفّى سنة 1323.
(1) سورة المعارج 70 : 1.
(2) المراجعات: 30.