دلالة الخبر على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام:
ثمّ إنّ هذا الخبر من أوضح الدلائل على أنّ قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في أمير المؤمنين يوم الغدير: «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه»، نصّ قطعي على إمامته الكبرى وولايته العظمى من بعده بلا فصل… لأنّ هذا الكلام من النبيّ إن كان معناه «الحبّ» أو «النصرة» أو ما شابه ذلك من المعاني، لم يكن أيّ اعتراض من ذلك الأعرابي على رسول اللّه قائلاً: «هذا منك أو من اللّه؟!».
بل إنّ كلامه: «أمرتنا… وأمرتنا…، ثمّ لم ترض بهذا، حتّى رفعت بضبعَي ابن عمّك وفضّلته على الناس، وقلت: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» صريح في دلالة حديث الغدير على الإمامة والخلافة.
وإلاّ.. فلماذا هذا الاعتراض؟! وبهذه الوقاحة؟! حتّى يضطرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى أن يحلف قائلاً ـ وقد احمرّت عيناه ـ: «واللّه الذي لا إله إلاّ هو إنّه من اللّه وليس منّي»، ويكرّر ذلك ثلاثاً؟!
وإلاّ.. فلماذا يناشد عليٌّ الناس بحديث الغدير؟!
وإلاّ.. فلماذا يكون في نفس أبي الطفيل شيء؟!
أخرج أحمد بسند صحيح عن أبي الطفيل، قال: «جمع عليٌّ الناس في الرحبة، ثمّ قال لهم: أُنشد اللّه كلّ امرئ مسلم سمع رسول اللّه يقول يوم غدير خمّ ما سمع، لَما قام؛ فقام ثلاثون من الناس….
قال: فخرجت وكأنّ في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إنّي سمعت عليّاً يقول كذا وكذا! قال: فما تنكر؟! قد سمعت رسول اللّه يقول ذلك له»(1).
وإلاّ… وإلاّ… إلى غير ذلك ممّا سيأتي بحول اللّه وقوتّه في مباحث حديث الغدير.
(1) مسند أحمد بن حنبل 5 : 498 / 18815.