* ترجمة عطيّة:
وأمّا «عطية العوفي» فقد ترجمنا له بالتفصيل في بعض بحوثنا(1)، وذكرنا:
أنّه من مشاهير التابعين، وقد قال الحاكم النيسابوري ـ في كلام له حول التابعين ـ: «فخير الناس قرناً بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم، وحفظ عنهم الدين والسنن، وهم قد شهدوا الوحي والتنزيل»(2).
وأنّه من رجال البخاري في كتابه الأدب المفرد.
وأنّه من رجال صحيح أبي داود، الذي قال أبو داود: «ما ذكرت فيه حديثاً أجمع الناس على تركه» وقال الخطّابي: «لم يصنّف في علم الدين مثله، وهو أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من الصحيحين»(3).
وأنّه من رجال صحيح الترمذي، الذي حكوا عن الترمذي قوله فيه: «صنّفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به، وعرضته على علماء العراق فرضوا به، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به. ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنّما في بيته نبيّ يتكلّم».
وأنّه من رجال صحيح ابن ماجة، الذي قال أبو زرعة ـ بعد أن نظر فيه ـ: «لعلّه لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثاً ممّا في إسناده ضعف»(4).
وأنّه من رجال مسند أحمد، وقد قال الحافظ السيوطي عن بعض العلماء: «إنّ أحمد شَرَطَ في مسنده الصحيح»(5).
وأنّه قد وثّقه ابن سعد، وقال الدوري عن يحيى بن معين: صالح، وقال أبو بكر البزّار: يعدّ في التشيّع، روى عنه جلّة الناس.
وبعد، فمن الذي تكلّم في عطية؟!
تكلّم فيه الجوزجاني، الذى نصّ الحافظ ابن حجر العسقلاني على أنّه: «كان ناصبيّاً منحرفاً عن عليّ»… وتبعه من كان على شاكلته، وقد نصّ الحافظ ابن حجر على أنّه لا ينبغي أن يسمع قول المبتدع(6).
ولماذا تكلّم فيه من تكلّم؟!
لأنّه كان يقدّم أمير المؤمنين عليه السلام على الكلّ، وأنّه عُرض على سبّ أمير المؤمنين عليه السلام، فأبى أن يسبّ، فضُرب أربعمائة سوط وحُلقت لحيته… وكلّ ذلك بأمر من الحجّاج بن يوسف، لعنه اللّه ولعن من سلك سبيله وأدخله مدخله….
أقول:
وهنا نقاط:
1 ـ حديث نزول الآية المباركة يوم الغدير في أمير المؤمنين وولايته عليه السلام، أخرجه كبار الأئمّة الأعلام من أهل السُنّة عن عدّة من الصحابة، وهم:
1 ـ عبداللّه بن عبّاس.
2 ـ أبو سعيد الخدري.
3 ـ زيد بن أرقم.
4 ـ جابر بن عبداللّه الأنصاري.
5 ـ البراء بن عازب.
6 ـ أبو هريرة.
7 ـ عبداللّه بن مسعود.
8 ـ عبداللّه بن أبي أوفى.
2 ـ قال السيوطي: «وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود، قال: كنّا نقرأ على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك ـ أنّ عليّاً مولى المؤمنين ـ وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته واللّه يعصمك من الناس)»(7).
3 ـ إنّ من رواة هذا الحديث: ابن أبي حاتم الرازي، قال السيوطي: «وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية: (يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك) على رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم يوم غدير خمّ في عليّ بن أبي طالب»(8).
و«ابن أبي حاتم» قد نصّ ابن تيميّة وأتباعه على أنّه لم يخرّج في تفسيره حديثاً موضوعاً… وقد أوردنا ذلك في بحوثنا الماضية، كما ستعرفه قريباً أيضاً.
وتلخّص:
إنّ القول الحقّ المتّفق عليه بين المسلمين: نزول الآية يوم غدير خمّ في أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
(1) راجع كتابنا: مع الدكتور السالوس في آية التطهير: 65 ـ 82.
(2) معرفة علوم الحديث: 42.
(3) مرقاة المفاتيح 1 : 22.
(4) تذكرة الحفّاظ 2 : 636.
(5) تدريب الراوي 1 : 187.
(6) مقدّمة فتح الباري: 388.
(7) الدرّ المنثور 3 : 117.
(8) الدرّ المنثور 3 : 117.