ترجمة الأصبغ بن نباتة:
فأمّا «الأصبغ بن نباتة» فهو من أشهر التابعين، وقد تقرّر عندهم عدالة التابعين كالصحابة، عملاً بما يروونه عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من قوله: «خير القرون قرني ثمّ الّذين يلونهم»(1).
وقال الحاكم: «النوع الرابع عشر من هذا العلم: معرفة التابعين، وهذا نوع يشتمل على علوم كثيرة، فإنّهم على طبقات في الترتيب، ومهما غفل الإنسان عن هذا العلم لم يفرّق بين الصحابة والتابعين، ثمّ لم يفرّق أيضاً بين التابعين وأتباع التابعين، قال اللّه عزّ وجلّ (والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان رضي اللّه عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم)(2).
وقد ذكرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم… فخير الناس قرناً ـ بعد الصحابة ـ من شافه أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم، وحفظ عنهم الدين والسُنن، وهم قد شهدوا الوحي والتنزيل…»(3).
ثمّ إنّه من رجال ابن ماجة، وروى عنه جماعة من الأكابر، ووثّقه بعض الأعلام كالعجلي(4)… وتكلّم فيه غير واحد، وكلّ كلماتهم تعود إلى كونه من شيعة عليّ عليه السلام وروايته لفضائله، كقول ابن حبّان: «فتن بحبّ عليّ بن أبي طالب، فأتى بالطامّات في الروايات فاستحقّ من أجلها الترك»، وقول ابن عديّ: «لم أُخرّج له هاهنا شيئاً، لأنّ عامّد ما يرويه عن عليّ لا يتابعه أحد عليه»(5).
فهذا هو السبب في ترك بعض القوم حديثه.
ثمّ تأمّل في كلام ابن عديّ بعد ذلك: «وإذا حدّث عن الأصبغ ثقة فهو عندي لا بأس بروايته، وإنّما أتى الإنكار من جهة من روى عنه، لأنّ الراوي عنه لعلّه يكون ضعيفاً»؛ لتعرف الاضطراب منه ومن أمثاله عندما يريدون ردّ حديث رجل بلا دليل وسبب سوى التشيّع!!
(1) جامع الأُصول 8 : 547 ـ 548.
(2) سورة التوبة 9 : 100.
(3) معرفة علوم الحديث: 41 ـ 42.
(4) تهذيب الكمال 3 : 310 ـ 311.
(5) تهذيب الكمال 3 : 310، تهذيب التهذيب 1 : 316.