التحقيق في أسانيده:
والحقيقة: إنّ كلّ تلك الأحاديث ساقطة، سنداً.
أمّا الحديث: اقتدوا باللذين… فقد عرفت حاله.
وأمّا الحديث: عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين… فراجع رسالتنا فيه(1).
والكلام الآن في حديث: أصحابي كالنجوم….
وهو حديث غير مخرّج في شيء من الصحاح والسنن والمسانيد المشهورة… وإنّما رواه ابن عديّ في الكامل في الضعفاء، والدارقطني في غرائب مالك، والقضاعي في مسند الشهاب، وابن عبدالبرّ في جامع بيان العلم، والبيهقي في المدخل….
وإليك كلام الحافظ ابن حجر في هذا الحديث:
«حديث: أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم.
الدارقطني في المؤتلف من رواية سلام بن سليم، عن الحارث بن غصين، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، مرفوعاً.
وسلام ضعيف.
وأخرجه في غرائب مالك من طريق حميد بن زيد، عن مالك، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر، ـ في أثناء حديث ـ وفيه: فبأيّ قول أصحابي أخذتم اهتديتم، إنّما مثل أصحابي مثل النجوم، من أخذ بنجم منها اهتدى.
قال: لا يثبت عن مالك، ورواته دون مالك مجهولون.
ورواه عبد بن حميد، والدارقطني في الفضائل من حديث حمزة الجزري، عن نافع، عن ابن عمر.
وحمزة اتّهموه بالوضع.
ورواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة.
وفيه جعفر بن عبدالواحد الهاشمي، وقد كذّبوه.
ورواه ابن طاهر من رواية بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس.
وبشر كان متّهماً أيضاً.
وأخرجه البيهقي في المدخل من رواية جويبر، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس.
وجويبر متروك.
ومن رواية جويبر أيضاً عن جواب بن عبيداللّه، مرفوعاً.
وهو مرسَل.
قال البيهقي: هذا المتن مشهور، وأسانيده كلّها ضعيفة.
وروى في المدخل أيضاً عن عمر….
وفي إسناده: عبدالرحيم بن زيد العمّي، وهو متروك»(2).
وقال المناوي في فيض القدير بشرحه:
«السجزي في الإبانة عن أُصول الديانة، وابن عساكر في التاريخ عن عمر بن الخطّاب.
قال ابن الجوزي في العلل: هذا لا يصحّ.
وفي الميزان: هذا الحديث باطل.
وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث غريب، سئل عنه البزّار فقال: لا يصحّ هذا الكلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم.
وقال الكمال ابن أبي شريف: كلام شيخنا ـ يعني ابن حجر ـ يقتضي أنّه مضطرب.
وأقول: ظاهر صنيع المصنّف أن ابن عساكر خرّجه ساكتاً عليه، والأمر بخلافه؛ فإنّه تعقّبه بقوله: قال ابن سعد: زيد العمي أبو الحواري، كان ضعيفاً في الحديث، وقال ابن عديّ: عامّة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء.
ورواه عن عمر أيضاً البيهقي، قال الذهبي: وإسناده واه»(3).
(1) وهي الرسالة الثالثة من كتابنا: الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السُنّة، والمنشورة في نشرة «تراثنا» العدد 26 لسنة 1412 ضمن سلسلة الأحاديث الموضوعة برقم 6.
(2) الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشّاف ـ المطبوع مع الكشّاف ـ 3 : 463.
(3) فيض القدير شرح الجامع الصغير 4 : 76.