قال السيّد طاب ثراه :
« وهل هبط بآية المباهلة بسواهم جبرئيل ؟! ».
فقال في الهامش :
« كلاّ ، وإنّما هبط بآية المباهلة بهم خاصّةً ، فقال عزّ من قائل : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم ) الآية »(1).
فقيل :
« هذه الآية ممّا يتمسّك به الشيعة على أنّه دليل على الإمامة ، وعلى أن آل البيت هم بمرتبة النبيّ صلّى الله عليه ] وآله [ وسلّم ، فإنّ الآية لم تفرّق بينهم وبينه ، بل ساوتهم به إذ جمعت أنفسهم مع نفسه ، فقال تعالى : ( وأنفسنا وأنفسكم ).
وهذا اللفظ لا يقتضي المساواة ، فقد قال تعالى : ( لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً ) ( النور : 12 ) ، ولا يدلّ هذا على أنّ المؤمنين والمؤمنات متساوون ، ومن ذلك أيضاً قوله تعالى : ( ثمّ أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ) ( البقرة : 85 ) ، فهذا اللفظ يدلّ على المجانسة والمشابهة في أمور :
فقوله تعالى : ( وأنفسنا وأنفسكم ) أي : ورجالنا ورجالكم ، أي : « الرجال الّذين هم من جنسنا في الدين والنسب ، والمراد : التجانس مع الإيمان ». انتهى.
أقول :
وهذا أيضاً خلاصة ما جاء به ابن تيميّة ، في الجواب عن الاستدلال بالآية الكريمة ،وليس لهذا القائل منه شيء ولا كلمة !!
ونحن ذاكرون سبب نزول الآية المباركة ، ووجه الاستدلال بها ، والجواب عمّا قيل في ذلك ، فهاهنا فصول ، وبالله التوفيق.
الفصل الأوّل
في نزول الآية في أهل البيت عليهم السلام
قال الله عزّ وجلّ : ( إنّ مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من تراب ثمّ قال له كن فيكون * الحقّ من رّبّك فلا تكن من الممترين * فمن حآجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين * إنّ هذا لهو القصص الحقّ وما من إله إلاّ اللّه وإنّ اللّه لهو العزيز الحكيم * فإن تولّوا فإنّ اللّه عليم بالمفسدين )(2) .
هذه هي الآية المعروفة بآية المباهلة ، وسنورد قصّتها في أوّل الفصل الآتي.
وقد خرج النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المباهلة بعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام.
(1) المراجعات : 26 .
(2) سورة آل عمران 3 : 59 ـ 63 .