رجاء السيّد من القرّاء:
وذكر السيّد كتاب « المراجعات » في المورد الأوّل من كتاب « النصّ والاجتهاد » فقال :
« ومن أراد التفصيل فعليه بكتابنا ( المراجعات ) إذ استقصينا البحث ثمّة عن تلك النصوص ، وعن كلّ ما هو حولها ممّا يقوله الفريقان في هذا الموضوع ، تبادلنا ذلك مع شيخنا شيخ الإسلام ، ومربّي العلماء الأعلام ، الشيخ سليم البشري المالكي ، شيخ الجامع الأزهر يومئذ ، رحمه الله تعالى ، أيّام كنّا في خدمته ، وكان إذ ذاك شيخ الأزهر ، فعُني بي عنايته بحملة العلم عنه ، وجرت بيننا وبينه حول الخلافة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونصوصها مناظرات ومراجعات خطّية ، بذلنا الوسع فيها إيغالاً في البحث والتمحيص ، وإمعاناً فيما يوجبه الإنصاف والاعتراف بالحقّ ، فكانت تلك المراجعات ـ بيمن نقيبة الشيخ ـ سِفراً من أنفع أسفار الحقّ ، يتجلّى فيها الهدى بأجلى مظاهره ، والحمد لله على التوفيق.
وها هي تلك منتشرة في طول البلاد وعرضها ، تدعو إلى المناظرة بصدر شرحه الله للبحث ، وقلب واع لما يقوله الفريقان ، ورأي جميع ، ولبّ رصين ، فلا تفوتّنكم أيّها الباحثون.
نعم ، لي رجاء أنيطه بكم فلا تخيّبوه ، أمعنوا في أهداف النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ومراميه في أقواله وأفعاله ، التي هي محلّ البحث بيننا وبين الجمهور ، ولا تغلبنّكم العاطفة على أفهامكم وعقولكم ، كالّذين عاملوها معاملة المجمل أو المتشابه من القول ، لا يأبهون بشي من صحّتها ، ولا من صراحتها ، والله تعالى يقول : ( أنّه لقول رسول كريم * ذي قوّة عند ذي العرش مكين * مطاع ثَمَّ أمين * وما صاحبكم بمجنون ) ( فأين تذهبون )(1) أيّها المسلمون ( إن هو إلاّ وحي يوحى * علّمه شديد القوى )(2) »(3) .
أقول :
لقد حقّق أبناء الأمّة الإسلامية رجاء السيّد رحمه الله ، وتقبّله الّذين أهدى إليهم المراجعات بقبول حسن ، وأقبلوا عليها خير إقبال ، واستضاء بنورها الكثير منهم ،ورجعوا ببركتها إلى الأصل الديني المفروض عليهم.
وها هي ـ ولا تزال ـ منتشرة في طول البلاد وعرضها ، تدعو إلى المناظرة بصدر رحب شرحه الله للبحث ، كلّ طالب للحقّ ، باحث عن الحقيقة ، يريد الخير والصلاح والفلاح لنفسه وللأمّة.
لكنّ « السنّة » التي رسمها ابن تيميّة في « منهاجه » لها أتباع في كلّ زمان ، تعلّموا منه منطق السبّ والشتم والبهتان ـ وإن خالفوها في بعض الجهات ، وفي بعض الأحيان ـ(4) ولم نجد في كلامهم ـ هنا ـ كلمةً تستحق الإصغاء والذكر ، إلاّ كلمة واحدة ، وهي : ما هي الحوادث والكوارث التي حالت دون نشر المراجعات في حياة الشيخ ؟ لماذا لم يذكر السيّد منها ولو واحدة ؟ وهذا سؤال وجيه ، ولكن ليتهم طرحوه بأدب ووقار…
(1) سورة التكوير 81 : 19 ـ 26 .
(2) سورة التكوير 81 : 19 ـ 26 .
(3) النصّ والاجتهاد ـ الطبعة الثانية ـ : 54 .
(4) أعتقد أنّه لو كان ابن تيميّة في هذا العصر ، وانبرى للجواب عن « المراجعات » لأنكر قبل كلّ شيء سفر السيّد إلى مصر ! والتقائه بالشيخ هناك ! بل أنكر وجود السيّد والشيخ في هذا العالم ! ووجود مصر على وجه الأرض!