السبيل لتوحيد المسلمين:
وهنا يقول القائل : « إنّ ما يسعى إليه الموسوي إنّما هو ضرب من المستحيل ، إذ أنّه لو افترضنا الصدق فيها ، فهي محاولة للتوفيق بين الحقّ والباطل وبين الإسلام والكفر !
إنّ السبيل الوحيد لتوحيد المسلمين ولمّ شتاتهم وإزالة الفرقة بينهم ، إنّما يكون بالعودة إلى الكتاب والسُنّة ، وفهم السلف الصالح لهما ، كما أوضح ذلك الحقّ سبحانه وتعالى حيث قال : ( فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إنكنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً )(1) وكما أوضح النبيّ صلّى الله عليه ]وآله[ وسلّم حيث قال : تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وسنّتي. ( أخرجه الإمام مالك والترمذي وأحمد ). فهل يستجيب الرافضة لله ورسوله ؟ هيهات هيهات ».
ويقول آخر : « مفهوم التقريب عند هذا الموسوي هو أخذ المسلمين بعقيدة الروافض ، وهو في سبيل ذلك يضع وقائع وهميّة وحوادث لا حقيقة لها ، ويزعم أنّها وقائع تقارب بين السنّة والشيعة لتصفية الخلاف ، ولكن لم يكن لهذه المؤامرات من أثر إلاّ عند طائفته »(2) .
أقول :
إنّ مفهوم التقريب لدى السيّد وطائفته هو التعريف بالشيعة ، وبيان عقيدتها في مسألة الإمامة ـ التي هي أعظم خلاف بين الأمّة ـ وذكر شواهدها وأدلّتها في كتب السنّة ، والبحث والتحقيق حولها عن طريق الجدل الحقّ ، ثمّ الأخذ بما اتّفق الكلّ على روايته ونقله في الكتب المشهورة بين المسلمين ، وعلى هذا الأساس استند السيّد في «المراجعات » وغيرها من كتبه إلى ما جاء في كتب السنّة من الأحاديث من طرفهم ، ومن هذا المنطلق يمكن التوفيق بين الطائفتين ، … ولا استحالة… وبذلك يكون قد تحقّق ما أمر سبحانه وتعالى بقوله : ( فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول…) وإلاّ فإن كلّ طائفة ترى الحقّ فيما ترويه وتعتقده ، وتحكم ببطلان ما تذهب إليه الطائفة الأخرى.
فالمراد من « الردّ إلى الرسول » في الآية الكريمة ، ومن « السنّة » في الأحاديث الآمرة بالرجوع إليها هو : الأخذ بما ثبت صدوره عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهو ما اتّفق الكلّ على روايته بأسانيدهم.
وأمّا خصوص : « تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وسنّتي » فعزوه إلى أحمد والترمذي كذب ، إذ ليس هو من أحاديث مسند أحمد وصحيح الترمذي قطعاً.
(1) سورة النساء 4 : 59.
(2) مسألة التقريب 2 : 217.