* وقال أبو حيّان :
« ( ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ).
أيّ : يدع كلّ منّا ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه إلى المباهلة. وظاهر هذا أنّ الدعاء والمباهلة بين المخاطب بـ ( قل ) وبين من حاجّه. وفسّر على هذا الوجه (الأبناء ) بالحسن والحسين ، وبنسائه فاطمة ، والأنفس بعليّ. قال الشعبي. ويدلّ على أنّ ذلك مختصّ بالنبيّ مع من حاجّه ما ثبت في صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقّاص ، قال : لما نزلت هذه الآية ( تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم)دعا رسول الله صلّى الله عليه ]وآله [ وسلّم فاطمة وحسناً وحسيناً ، فقال : اللّهمّ هؤلاء أهلي.
وقال قوم : المباهلة كانت عليه وعلى المسلمين ، بدليل ظاهر قوله ( ندع أبناءنا وأبناءكم ) على الجمع ، ولمّا دعاهم دعا بأهل الّذين في حوزته ، ولو عزم نصارى نجران على المباهلة وجاؤا لها لأمر النبيّ صلّى الله عليه ]وآله [وسلّم المسلمين أن يخرجوا بأهاليهم لمباهلته.
وقيل : المراد بـ ( أنفسنا ) الإخوان. قال ابن قتيبة. قال تعالى : ( ولا تلمزوا أنفسكم ) أي : إخوانكم.
وقيل : أهل دينه. قاله أبو سليمان الدمشقي.
وقيل : الأزواج.
وقيل : أراد القرابة القريبة. ذكرهما عليّ بن أحمد النيسابوري.
… قال أبوبكر الرازي : وفي الآية دليل على أنّ الحسن والحسين إبنا رسول الله صلّى الله عليه ]وآله [ وسلّم.
وقال أبو أحمد بن علاّن : كانا إذ ذاك مكلّفين ، لأنّ المباهلة عنده لا تصحّ إلاّ من مكلّف.
وقد طوّل المفسّرون بما رووا في قصّة المباهلة ، ومضمونها : أنّه دعاهم إلى المباهلة وخرج بالحسن والحسين وفاطمة وعليّ إلى الميعاد ، وأنّهم كفّوا عن ذلك ورضوا بالإقامة على دينهم ، وأن يؤدّوا الجزية ، وأخبرهم أحبارهم أنّهم إن باهلوا عذّبوا وأخبر هو صلّى الله عليه ]وآله [ وسلّم أنّهم إن باهلوا عذّبوا ، وفي ترك النصارى الملاعنة لعلمهم بنبوّته شاهد عظيم على صحّة نبوته.
قال الزمخشري : فإن قلت… »(1) .
أقول :
لعلّ تقديمه حديث مسلم عن سعد في أنّ المراد من ( أنفسنا ) هو عليّ عليه السلام… يدلّ على ارتضائه لهذا المعنى… لكنّ الحديث جاء في الكتاب محرّفاً بحذف « عليّ » !!
وليته لم يذكر الأقاويل الأخرى ، فإنّها كلهّا هواجس نفسانية وإلقاءات شيطانيّة ، لا يجوز إيرادها بتفسير الآيات القرآنيّة.
لكن يظهر منه الإعتماد على هذه الأقوال !! حين ينفي بها الإجماع على أن المراد من ( أنفسنا ) هو عليّ عليه السلام ، ليبطل استدلال الشيخ الحمصي بالآية على أفضلية الإمام على سائر الأنبياء ، كما سيأتي.
(1) البحر المحيط 3 : 188 ـ 189 .