7 ـ ابن الأثير في أُسد الغابة:
وقال ابن الأثير الجزري ـ المتوفّى سنة 630 ـ :
«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب. أُمّها فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم.
ولدت قبل وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم.
خطبها عمر بن الخطّاب إلى أبيها عليّ قال: إنّها صغيرة. فقال عمر: زوّجنيها يا أبا الحسن، فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال له عليّ: أنا أبعثها إليك، فإنْ رضيتها فقد زوّجتكها فبعثها إليه ببرد وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر. فقال: قولي له: قد رضيت، رضي اللّه عنك. ووضع يده عليها، فقالت: أتفعل هذا؟! لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك. ثم جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت له: بعثتني إلى شيخ سوء! قال: يا بنيّة إنّه زوجك.
فجاء عمر، فجلس إلى المهاجرين في الروضة ـ وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون ـ فقال: رفّئوني. فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوّجت أُمّ كلثوم بنت عليّ، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يقول: كلّ سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي وصهري، وكان لي به عليه الصلاة والسلام النسب والسبب، فأردت أن أجمع إليه الصهر. فرفّئوه.
فتزوّجها على مهر أربعين ألفاً.
فولدت له زيد بن عمر الأكبر ورقيّة.
وتوفّيت أُمّ كلثوم وابنها زيد في وقت واحد. وكان زيد قد أُصيب في حرب كانت بين بني عديّ، خرج ليصلح بينهم، فضربه رجل منهم في الظلمة فشجّه وصرعه. فعاش أيّاماً ثمّ مات هو وأُمّه.
وصلّى عليهما عبداللّه بن عمر، قدّمه حسن بن عليّ.
ولمّا قتل عنها عمر تزوّجها عون بن جعفر.
أخبرنا عبدالوهّاب بن عليّ بن عليّ الأمين، أخبرنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أخبرنا الخطيب أبو طاهر محمّد بن أحمد بن أبي الصقر، أخبركم أبو البركات أحمد بن عبدالواحد بن الفضل بن نظيف بن عبداللّه الفرّاء، قلت له: أخبركم أبو محمّد الحسن بن رشيق؟ فقال: نعم، حدثنا أبو بشر محمّد بن أحمد بن حماد الدولابي، حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب، قال:
لَمّا تأيّمت أُمّ كلثوم بنت عليّ من عمر بن الخطّاب، دخل عليها حسن وحسين أخواها، فقالا لها: إنّك ممّن قد عرفت سيّدة نساء المسلمين وبنت سيدتهنّ، وإنّك واللّه إنْ أمكنت عليّاً من رمّتك لينكحنّك بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبي بنفسك مالاً عظيماً لتصيبنّه.
فواللّه ما قاما حتى طلع عليٌّ يتكئ على عصاءه فجلس، فحمد اللّه وأثنى عليه، وذكر منزلتهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وقال: قد عرفتم منزلتكم عندي يا بني فاطمة، وأثرتكم على سائر ولدي، لمكانكم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وقرابتكم منه. فقالوا: صدقت رحمك اللّه، فجزاك اللّه عنّا خيراً.
فقال: أيّ بنيّة، إنّ اللّه عزّ وجلّ قد جعل أمرك بيدك، فأنا أُحبّ أن تجعليه بيدي.
فقالت: أي أبة، إنّي لامرأة أرغب فيما يرغب فيه النساء، وأحبّ أن أُصيب ممّا تصيب النساء من الدنيا، وأنا أُريد أن أنظر في أمر نفسي.
فقال: لا واللّه يا بنيّة ما هذا من رأيك، ما هو إلاّ رأي هذين. ثم قام فقال: واللّه لا أُكلّم رجلاً منهما أو تفعلين. فأخذا بثيابه فقالا: إجلس يا أبة، فواللّه ما على هجرتك من صبر. إجعلي أمرك بيده.
فقالت: قد فعلت.
قال: فإنّي قد زوّجتك من عون بن جعفر، وإنّه لغلام، وبعث لها بأربعة آلاف درهم، وأدخلها عليه.
أخرجها أبو عمر»(1).
(1) أُسد الغابة 7 / 377 ـ 378.