6 ـ حمل الحكومة الناسَ على الموطّأ و فتاوى مالك:
وكان من الطبيعي أيضاً أن يقابَل من قبل الحكّام بالمثل:
فقد قال له المنصور: اجعل هذا العلم علماً واحداً . . . ضع للناس كتاباً أحملهم عليه . . . نضرب عليه عامّتهم بالسيف، ونقطع عليه ظهورهم بالسياط . . .(1).
وقال له: لئن بقيت لأكتبنَّ قولك كما يكتب المصاحف، ولأبعثنَّ به إلى الآفاق فأحملهم عليه(2) أن يعملوا بما فيها ولا يتعدّوه إلى غيرها(3).
ولَمّا أراد الرشيد الشخوص إلى العراق قال لمالك: ينبغي أنْ تخرج معي، فإنّي عزمت أنْ أحمل الناس على الموطّأ كما حمل عثمان الناس على القرآن(4).
ثم أراد هارون أن يعلّق الموطّأ على الكعبة!(5).
ونادى منادي الحكومة: «ألا لا يفتي الناسَ إلاّ مالك بن أنس»(6).
ومن الطبيعي أن لا يُعامَل غيره هذه المعاملة:
فقد قدم ابن جريج على أبي جعفر ]المنصور[ فقال له: إنّي قد جمعت حديث جدّك عبداللّه بن عبّاس وما جمعه أحد جمعي. فلم يعطه شيئاً(7).
ولذا لَمّا قيل لشيخه ربيعة الرأي: «كيف يحظى بك مالك ولم تحظ أنت بنفسك؟!» قال: «أما علمتم أنّ مثقالاً من دولة خير من حِمْلَي علم»(8).
(1) الديباج المذهّب: 72، شرح الزرقاني على الموطّأ 1 / 43، الوافي بالوفيات ـ ترجمته 25 / 41.
(2) تذكرة الحفّاظ 1 / 209.
(3) كشف الظنون 2 / 725 عن طبقات ابن سعد.
(4) مفتاح السعادة 2 / 87 .
(5) كشف الظنون 2 / 725 عن حلية الأولياء.
(6) وفيات الأعيان 4 / 135، مرآة الجنان 1 / 375.
(7) العلل ومعرفة الرجال 2 / 312.
(8) طبقات الفقهاء ـ لأبي إسحاق الشيرازي ـ : 54.