2 ـ الدولابي في الذريّة الطاهرة:
وروى أبو بشر الدولابي ـ المتوفّى سنة 310 ـ قال:
«ذكر أُمّ كلثوم بنت فاطمة (رضي اللّه عنها) بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): سمعت أحمد بن عبدالجبّار، قال: سمعت يونس بن بكير، قال: سمعت ابن إسحاق يقول: ولدت فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لعليِّ بن أبي طالب: حسناً وحسيناً ومُحَسِّناً، فذهب مُحَسِّن صغيراً; وولدت له أُمّ كلثوم وزينب.
قال ابن إسحاق: فحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال: خطب عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته أُمّ كلثوم، فأقبل عليٌّ عليه وقال: هي صغيرة. فقال عمر: لا واللّه ما ذلك . . .(1) ولكن أردتَ منعي، فإن كانت كما تقول فابعثها إليَّ، فرجع عليٌّ فدعاها فأعطاها حلّة وقال: انطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين فقولي: يقول لك أبي كيف ترى هذه الحلّة؟ فأتته بها فقالت له ذلك. فأخذ عمر بذراعها، فاجتذبتها منه فقالت: أرسل، فأرسلها وقال: حصان كريم. انطلقي فقولي له: ما أحسنها . . .(2) وأجملها. وليست ـ واللّه ـ كما قلت، فزوّجها إيّاه.
حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، نا يونس بن ]بكير[، عن خالد بن صالح، عن واقد بن محمّد بن عبداللّه بن عمر، عن بعض أهله، قال: خطب عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته أُمّ كلثوم ـ وأُمّها: فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ فقال له عليٌّ: إنّ عليَّ فيها أُمراء حتى أستأذنهم. فأتى وُلد فاطمة فذكر ذلك لهم فقالوا: زوّجه. فدعا أُمّ كلثوم وهي يومئذ صبيّة، فقال: انطلقي إلى أمير المؤمنين فقولي له: إنّ أبي يقرؤك السّلام ويقول لك: إنّا قد قضينا حاجتك التي طلبت.
فأخذها عمر فضمّها إليه وقال: إنّي خطبتها من أبيها فزوّجنيها. فقيل: يا أمير المؤمنين ما كنت تريد، إنّها صبيّة صغيرة؟! فقال: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول: كلّ سبب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي. فأردت أن يكون بيني وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم سبب وصهر.
وذكر عبدالرحمن بن خالد بن نجيح، نا حبيب ـ كاتب مالك بن أنس ـ ، نا عبدالعزيز الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه ـ مولى عمر بن الخطّاب ـ قال: خطب عمر إلى عليّ بن أبي طالب أُمّ كلثوم، فاستشار عليٌّ العبّاسَ وعقيلاً والحسنَ، فغضب عقيل وقال لعليٍّ: ما تزيد الأيّام والشهور إلاّ العمى في أمرك، واللّه لئن فعلت ليكوننّ وليكوننّ.
فقال عليٌّ للعبّاس: واللّه ما ذاك منه نصيحة، ولكن درّة عمر أحوجته إلى ما ترى، أم واللّه ما ذاك لرغبة فيك يا عقيل، ولكنْ أخبرني عمر بن الخطّاب أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول: كلّ سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي.
حدّثني عبدالعزيز بن منيب ـ أبو الدرداء المروزي ـ ، نا خالد بن خداس.
ح، وحدّثني إسحاق بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء الأنصاري، أبو يعقوب، نا أبو الجماهير محمّد بن عثمان، قالا: نا عبداللّه بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه: أنّ عمر بن الخطّاب تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب على أربعين ألف درهم.
حدّثنا عبداللّه بن محمّد أبو أُسامة، نا حجّاج بن أبي منيع، نا جدّي، عن الزهري، قال: أُمّ كلثوم بنت عليّ من فاطمة، تزوّجها عمر بن الخطّاب، فولدت له زيد بن عمر بن الخطّاب.
حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: وتزوّج أُمَّ كلثوم بنت عليّ عمرُ بن الخطّاب، فولدت له زيد بن عمر وامرأة معه، فمات عمر عنها.
حدّثنا عبداللّه بن محمّد أبو أُسامة الحلبي، نا حجّاج بن أبي منيع، نا جدّي، عن الزهري، قال: ثم خلف على أُمّ كلثوم بعد عمر بن الخطّاب عون بن جعفر بن أبي طالب، فلم تلد له شيئاً حتى مات.
حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: فلمّا مات عمر عن أُمّ كلثوم بنت علي تزوّجت عون بن جعفر، فهلك عنها ولم يصب منها ولداً.
قال ابن إسحاق: فحدّثني والدي إسحاق بن يسار، عن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب، قال: لَمّا أُيّمت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب من عمر بن الخطّاب دخل عليها حسن وحسين أخواها، فقالا لها: إنّك من عرفتِ سيّدة نساء المسلمين وبنت سيّدتهنّ، وإنّك واللّه لئن أمكنت عليّاً من رمّتك لينكحنّك بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبنَّ بنفسك مالاً عظيماً لتصيبنّه!
فو اللّه ما قاما حتى طلع عليٌّ يتّكئ على عصاه، فجلس فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم ذكر منزلتهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقال: قد عرفتم منزلتكم يا بني فاطمة وأثرتكم عندي على سائر ولدي، لمكانكم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقرابتكم منه.
فقالوا: صدقت رحمك اللّه، فجزاك اللّه عنّا خيراً.
فقال: أي بنّية، إنّ اللّه قد جعل أمرك بيدك، فأنا أُحبّ أن تجعليه بيدي.
فقالت: أي أبة، واللّه إنّي لامرأة أرغب فيما يرغب فيه النساء، فأنا أُحبّ أن أُصيب ما يصيب النساء من الدنيا، وأنا أُريد أن أنظر في أمر نفسي!
فقال: لا واللّه يا بنيّة، ما هذا من رأيك، ما هو إلاّ رأي هذين، ثم قام فقال: واللّه لا أُكلّم رجلاً منهم أو تفعلين.
فأخذا بثيابه فقالا: اجلس يا أبة، فواللّه ما على هجرانك من صبر، اجعلي أمرك بيده.
فقالت: قد فعلت.
قال: فإنّي قد زوّجتك من عون بن جعفر وإنّه لغلام. ثم رجع إليها فبعث إليها بأربعة آلاف درهم. وبعث إلى ابن أخيه فأدخلها عليه.
قال حسن: فو اللّه ما سمعت بمثل عشق منها له منذ خلقك اللّه!
حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، نا يزيد بن هارون، أنا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار، أنّ أُمّ كلثوم بنت عليّ وزيد بن عمر ماتا، فكفّنا وصلّى عليهما سعيد بن العاص، وخلفه الحسن والحسين وأبو هريرة.
حدّثنا إبراهيم بن يعقوب، نا يزيد بن هارون، أنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: تذاكرنا عند عامر جنائز الرجال والنساء، فقال عامر: جئت وقد صلّى عبداللّه بن عمر على أخيه زيد بن عمر، وأُمّه أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه»(3).
(1) في المطبوعة هنا: كلمة لا تقرأ. قلت: الجملة هي: لا واللّه ما ذلك بك.
(2) في المطبوعة: كلمة لا تقرأ. قلت: لا توجد كلمة في نقل المحبّ الطبري.
(3) الذرّيّة الطاهرة: 157 ـ 165.