2 ـ التزامه بالحضور للصلاة بنفسه ما أمكنه:
وكما ذكرنا، فالنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ما كان يستخلف للصلاة إلاّ في حال خروجه عن المدينة، أو في حال لم يمكنه الخروج معها إلى الصلاة . . . وإلاّ، فقد كان صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ملتزماً بالحضور بنفسه . . . ويدلّ عليه ما جاء في بعض الأحاديث أنّه لَمّا ثقل قال: «أصلّى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك. قال: ضعوا لي ماءً . . .» فوضعوا له ماءً فاغتسل، فذهب لينوء فأُغمي عليه(1) وهكذا إلى ثلاث مرّات . . . وفي هذه الحالة صلّى أبو بكر بالناس، فهل كانت بأمر منه؟!
بل في بعض الأحاديث أنّه كان إذا لم يخرج لعارض، حضره المسلمون إلى البيت فصلّوا خلفه:
فقد أخرج مسلم عن عائشة، قالت: «اشتكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه، فصلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم جالساً فصلّوا بصلاته قياماً».
وعن جابر قال: «اشتكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم فصلّينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره»(2).
وأخرج أحمد عن عائشة: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم صلّى في مرضه وهو جالس فصلّى وخلفه قوم قياماً . . .»(3).
ويشهد لِما ذكرنا ـ من ملازمته للحضور إلى المسجد والصلاة بالمسلمين بنفسه ـ ما جاء في كثير من أحاديث القصّة، من أنّ بلالاً دعاه إلى الصلاة، أو آذنه بالصلاة، فهو كان يجيء متى حان وقت الصلاة إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ويعلمه بالصلاة، فكان يخرج بأبي هو وأُمّي بنفسه ـ وفي أيّ حال من الأحوال كان ـ إلى الصلاة ويصلّي بالناس.
(1) في أنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يغمى عليه ـ بما للكلمة من المعنى الحقيقي ـ أو لا، كلاماً بين العلماء، لا نتعرّض له لكونه بحثاً عقائديّاً ليس هذا محلّه.
(2) صحيح مسلم 1 / 391 كتاب الصلاة باب ائتمام المأموم بالإمام الأرقام 412 و 413.
(3) مسند أحمد 7 / 86 حديث عائشة الرقم 23782.