12 ـ أبو حيان الأندلسي (745)
وللحافظ أبي حيان تحقيق قيّم حول حديث النجوم ننقله نصاً لفوائده الجمة:
قال: «قال الزمخشري: فإنْ قلت: كيف كان القرآن تبياناً لكلّ شيء؟
قلت: المعنى أنه بيّن كلّ شيء من أمور الدين حيث كان نصاً على بعضها، وإحالة على السنّة، حيث أمر فيه باتّباع رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وطاعته، وقيل: (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) وحثّاً على الإجماع في قوله: (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبيلِ الْمُؤْمِنينَ) وقد رضي رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم لأمته اتّباع أصحابه والاقتداء بآثارهم في قوله صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، وقد اجتهدوا وقاسوا ووطئوا طرق القياس والاجتهاد، فكان السنة والاجماع والقياس والاجتهاد مستندة إلى تبيين الكتاب، فمن ثمَّ كان تبياناً لكلّ شيء(1).
وقوله: وقد رضي رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ـ إلى قوله ـ اهتديتم، لم يقل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم، وهو حديث موضوع لا يصح بوجه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم.
قال الحافظ أبو محمّد علي بن أحمد بن حزم في رسالته في إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد ما نصه: وهذا خبر مكذوب موضوع باطل، لم يصح قط، وذكر إسناده إلى البزار صاحب المسند قال: سألتم عمّا روي عن النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ممّا في أيدي العامة ترويه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم أنه قال: إنما مثل أصحابي كمثل النجوم ـ أو كالنجوم ـ بأيّها اقتدوا اهتدوا.
وهذا كلام لم يصح عن النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم، رواه عبدالرحيم بن زيد العمّي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم. وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبدالرحيم، لأن أهل العلم سكتوا عن الرواية لحديثه، والكلام أيضاً منكر عن النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ولم يثبت، والنبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم لا يبيح الاختلاف من بعده من أصحابه. هذا نص كلام البزار.
قال ابن معين: عبدالرحيم بن زيد كذّاب خبيث ليس بشيء، وقال البخاري: هو متروك.
رواه أيضاً حمزة الجزري. وحمزة هذا ساقط متروك»(2).
(1) هذا كلام الزمخشري في الكشاف 2 / 603 ـ 604.
(2) البحر المحيط 5 / 527 ـ 528.