1 ـ كون أبي بكر في جيش أُسامة:
لقد أجمعت المصادر على قضية سرية أُسامة بن زيد، وأجمعت على أنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أمر مشايخ القوم: أبا بكر وعمرو . . . بالخروج معه . . . وهذا أمر ثابت محقّق . . . وبه اعترف ابن حجر العسقلاني في (شرح البخاري) وأكّده بشرح «باب بعث النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم أُسامة بن زيد في مرضه الذي توفّي فيه فقال: «كان تجهيز أُسامة يوم السبت قبل موت النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم بيومين . . . فبدأ برسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وجعه في اليوم الثالث، فعقد لأُسامة لواءً بيده، فأخذه أُسامة فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرب، وكان ممّن ندب مع أُسامة كبار المهاجرين والأنصار منهم: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم، فتكلّم في ذلك قوم . . . ثمّ اشتدّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وجعه فقال: أنفذوا بعث أُسامة.
وقد روي ذلك عن الواقدي وابن سعد وابن إسحاق وابن الجوزي وابن عساكر . . .»(1).
فالنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أمر بخروج أبي بكر مع أُسامة، وقال في آخر لحظة من حياته: «أنفِذوا بعثَ أُسامة» بل في بعض المصادر «لعن اللّه من تخلّف عن بعث أُسامة»(2).
هذا أوّلاً.
وثانياً: لقد جاء في صريح بعض الروايات كون أبي بكر غائباً عن المدينة. ففي (سنن أبي داود) عن ابن زمعة: «وكان أبو بكر غائباً، فقلت: يا عمر، قم فصلّ بالناس».
وثالثاً: في كثير من ألفاظ الحديث «فأرسلنا إلى أبي بكر» ونحو ذلك، ممّا هو ظاهر في كونه غائباً.
وعلى كلّ حال، فالنبي الذي بعث أُسامة، وأكّد على بعثه، بل لعن من تخلّف عنه . . . لا يعود فيأمر بعض من أمر بالخروج معه بالصلاة بالناس، وقد عرفت أنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان إذا غاب أو لم يمكنه الحضور للصلاة استخلف واحداً من المسلمين وإنْ كان ابن أُمّ مكتوم الأعمى.
(1) فتح الباري 8 / 192.
(2) شرح المواقف 8 / 376، الملل والنحل 1 / 14 لأبي الفتح الشهرستاني، المتوفّى سنة 458 هـ ، توجد ترجمته والثناء عليه في: وفيات الأعيان 4 / 273، تذكرة الحفّاظ 4 / 1313، طبقات الشافعية للسبكي 6 / 128، شذرات الذهب 4 / 149، مرآة الجنان 3 / 289 ـ 290 وغيرها.