موقف عليّ و كبار الصحابة من تحريمها:
ثم إنّه وإنْ تابع عمر في تحريمه بعض القوم كعبداللّه بن الزبير، لكنْ ثبت على القول بحلّيّة المتعة ـ تبعاً للقرآن والسُنّة ـ أعلام الصحابة، وعلى رأسهم مولانا أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام . . . قال ابن حزم:
«وقد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم جماعة من السلف رضي اللّه عنهم، منهم من الصحابة رضي اللّه عنهم: أسماء بنت أبي بكر الصديق وجابر بن عبداللّه وابن مسعود وابن عبّاس ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن حريث وأبو سعيد الخدري وسلمة ومعبد أبناء أُميّة بن خلف.
ورواه جابر بن عبداللّه عن جميع الصحابة مدّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم ومدّة أبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر . . ..
قال: «ومن التابعين: طاووس وعطاء وسعيد بن جبير وسائر فقهاء مكّة أعزّها اللّه . . .»(1).
ولم يذكر ابن حزم عمران بن حصين وبعض الصحابة الآخرين، وذكر ذلك القرطبي وأضاف عن ابن عبدالبرّ: «أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالاً على مذهب ابن عبّاس . . .»(2).
ومن أشهر فقهاء مكّة المكرّمة القائلين بحلّيّة المتعة: عبدالملك بن عبدالعزيز، المعروف بابن جريج المكّي، المتوفّى سنة 149، وهو من كبار الفقهاء وأعلام التابعين وثقات المحدّثين ومن رجال الصحيحين، فقد ذكروا أنّه تزوّج نحواً من تسعين امرأة بنكاح المتعة.
وذكر ابن خلّكان أنّ المأمون أمر أيّام خلافته أنْ يُنادى بحلّيّة المتعة. قال: فدخل عليه محمّد بن منصور وأبو العيناء، فوجداه يستاك ويقول ـ وهو مغتاط ـ : متعتان كانتا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وعهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما. قال: ومن أنت يا جُعَل حتى تنهى عمّا فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وأبو بكر؟! فأراد محمّد بن منصور أنْ يكلّمه، فأومأ إليه أبو العيناء وقال: رجل يقول في عمر بن الخطّاب ما يقول، نكلّمه نحن؟! ودخل عليه يحيى بن أكثم فخلا به وخوّفه من الفتنة، ولم يزل به حتى صرف رأيه»(3).
(1) المحلّى 9 / 129.
(2) تفسير القرطبي 5 / 133.
(3) وفيات الأعيان 6 / 149 ـ 150 بترجمة يحيى بن أكثم.