كلمة الختام:
قد استعرضنا ـ بعون اللّه تعالى ـ جميع طرق هذا الحديث، ودقّقنا النظر في رجاله وأسانيده، وفي ألفاظه ومداليله . . . فوجدناه حديثاً مختلقاً من قبل آل الزبير، فإنّ رواته:
«عبداللّه بن الزبير».
و«عروة بن الزبير».
و«المسور بن مخرمة» وكان من أعوان «عبداللّه» وأنصاره والمقتولين معه في الكعبة، وكان من الخوارج، وكان . . ..
و«عبداللّه بن أبي مليكة» وهو قاضي الزبير ومؤذّنه.
و«الزهري» وهو الذي كان يجلس مع «عروة بن الزبير» وينالان من أمير المؤمنين عليه السلام . . . وكان . . ..
و«شعيب بن راشد» وهو راوية «الزهري».
و«أبو اليمان» وهو راوية شعيب . . ..
هؤلاء رؤوس الواضعين لهذه الأُكذوبة البيّنة . . . وقد عرفتهم واحداً واحداً . . ..
وكلّ هؤلاء على مذهب إمامهم «عبداللّه بن الزبير» الذي اشتهر بعدائه لأهل البيت عليهم السلام، وتلك أخباره في واقعة الجمل وغيرها، ثم حصره بني هاشم في الشِّعْب بمكّة فإمّا البيعة له وإمّا القتل، ثم إخراجه محمّد بن الحنفية من مكّة والمدينة وابن عبّاس إلى الطائف . . . وعدائه للنبي الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نفسه . . . حتى قطع ذِكْرَه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم جُمُعاً كثيرة، فاستعظم الناس ذلك، فقال: إنّي لا أرغب عن ذكره، ولكن له أُهيل سوء، إذا ذكرتُه أتلعوا أعناقهم، فأنا أُحبّ أنْ أكبتهم!! مذكورة في التاريخ.
وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام كلمته القصيرة المعروفة: «ما زال الزبير رجلاً منّا أهلَ البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبداللّه»(1).
فليهذّب السُنّة الشريفة حماتُها الغياري من هذه الافتراءات القبيحة، واللّه أسأل أنْ يوفّق المخلصين للعلم والعمل، وأن يجعل أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم، إنّه هو البَرّ الرحيم.
(1) نهج البلاغة ـ فهرسة صبحي الصالح ـ : 555، الاستيعاب: 3 / 40 إلاّ أنّه لم يذكر لفظة «المشؤوم».