عمدة ما في الباب:
ثمّ إنّ عمدة ما في الباب ما رووه عن أئمّة العترة النبوية ورجالها، وذلك في (الطبقات) و(المستدرك) و(سنن البيهقي) و(الذرّيّة الطاهرة). وهنا مطلبان:
أحدهما: لقد تتبّعنا الأحاديث والأخبار، فوجدنا القوم متى أرادوا أنْ ينسبوا إلى أهل البيت عليهم السلام شيئاً لا يرتضونه ولا يلتصق بهم وضعوه على لسان بعض رجال هذا البيت الطاهر . . ..
فإذا أرادوا الطعن في النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وبضعته ووصيّه أمير المؤمنين عليه السلام . . . وضعوا قصّة خطبة عليّ ابنة أبي جهل، وعلى لسان أهل البيت(1).
وإذا أرادوا ترويج القول بحرمة متعة النساء، والطعن في ابن عبّاس القائل بحلّيتها حتى آخر لحظة من حياته . . . نسبوا القول بالحرمة والطعن في ابن عبّاس إلى عليّ عليه السلام، ووضعوا الخبر على لسان أحفاده(2).
وإذا أرادوا وضع حديث في فضل الصحابة، وضعوا حديث «أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم» على لسان الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام(3).
ولا شكّ أنّ هذا الحديث من تلك الأحاديث!
والثاني: إنّهم قد رووا هذا الحديث عن جعفر بن محمّد عن أبيه (كما في الطبقات) أو عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ بن الحسين (كما في المستدرك) أو عن الحسن بن الحسن (كما في الذرّيّة الطاهرة) أو عن الحسن بن الحسن عن أبيه (كما في سنن البيهقي).
فإنْ أُريد الاستدلال به . . . فهذا موقوف على تماميّة السند عندهم . . . على أُصولهم . . ..
لكنّ ابن سعد ـ صاحب «الطبقات» ـ يتجاسر على الإمام الصادق عليه السلام فيقول: «كان كثير الحديث ولا يحتجّ به ويستضعف. سئل مرّةً: سمعت هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال: نعم. وسئل مرّةً فقال: إنّما وجدتها في كتبه»(4). وحديث الحاكم في «المستدرك» الذي صحّحه، قال الذهبي متعقّباً إيّاه: «منقطع»(5)، وقال البيهقي: «مرسَل»(6).
وكذلك الحديث عن الحسن بن الحسن الذي في «الذرّيّة الطاهرة»، مع الضعف في رجاله كما ستعرف.
أمّا الذي في (سنن البيهقي) عنه عن أبيه، فلا انقطاع فيه، لكنّ السند ساقط من وجوه، لا سيّما وأنّ راويه عن الحسن هو «ابن أبي مليكة» وسيأتيك البيان.
وإنْ أُريد إلزام الغير به، لكونه عن أئمّة البيت الطاهر ورجال العترة الكريمة، فهذا موقوف على وثوق الغير برجال الأسانيد دونهم، وهذا أوّل الكلام.
فظهر سقوط أصحّ ما في الباب وعمدته، فغيره ساقط بالأولوية القطعية.
ومع ذلك، فإنّا نفصّل الكلام أوّلاً على سند الحديث في (السنن) عن أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين. وفي (الاستيعاب) عن: محمّد بن علي. وفي (السنن) أيضاً عن: الحسن بن الحسن . . ..
ثم ننظر في الأسانيد الأُخرى . . . إتماماً للمرام وقطعاً للخصام . . . فنقول:
* لقد أخرجه البيهقي في (سننه) عن طريق الحاكم أبي عبداللّه «عن أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين» وفي السّند «أحمد بن عبدالجبّار»:
(1) لاحظ رسالتنا في هذا الموضوع.
(2) لاحظ رسالتنا في هذا الموضوع.
(3) لاحظ رسالتنا في هذا الموضوع.
(4) تهذيب التهذيب 2 / 94.
(5) تلخيص المستدرك 3 / 142.
(6) سنن البيهقي 7 / 102.