صحيح البخاري:
وأخرجه البخاري في مواضع كثيرة من (صحيحه) منها ما يلي:
1 ـ حدّثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال الأسود: كنّا عند عائشة فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها; قالت:
«لمّا مرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة فأذن، فقال: مُروا أبا بكر فليصلّ بالناس. فقيل له: إنّ أبا بكر رجل أسيف، إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلّي بالناس; وأعاد فأعادوا له، فأعاد الثالثة، فقال: إنّكنّ صواحب يوسف! مُروا أبا بكر فليصلّ بالناس.
فخرج أبو بكر فصلّى، فوجد النّبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم من نفسه خفّةً، فخرج يهادي بين رجلين، كأنّي أنظر رجليه تخطّان من الوجع، فأراد أبو بكر أنْ يتأخّر، فأومأ إليه النّبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم أنْ مكانك.
ثم أتي به حتّى جلس إلى جنبه.
قيل للأعمش: وكان النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يصلّي وأبو بكر يصلّي بصلاته والناس يصلّون بصلاة أبي بكر؟ فقال برأسه: نعم.
رواه أبو داود(1) عن شعبة عن الأعمش بعضه. وزاد أبو معاوية: جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يصلّي قائماً»(2).
2 ـ حدّثنا يحيى بن سليمان، قال: حدّثنا ابن وهب، قال: حدّثني يونس، عن ابن شهاب، عن حمزة بن عبداللّه، أنّه أخبره عن أبيه، قال: «لمّا اشتدّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وجعه، قيل له في الصلاة! فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس.
قالت عائشة: إنّ أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ غلبه البكاء.
قال: مروه فيصلّي. فعاودته.
قال: مروه فيصلّي، إنّكنّ صواحب يوسف»(3).
3 ـ حدّثنا زكريّا بن يحيى، قال: حدّثنا ابن نمير، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: قالت: «أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم أبا بكر أنْ يصلّي بالناس في مرضه، فكان يصلّي بهم.
قال عروة: فوجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم في نفسه خفّةً، فخرج فإذا أبو بكر يؤمّ الناس، فلمّا رآه أبو بكر استأخر فأشار إليه أنْ كما أنت.
فجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلّي بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم، والناس يصلّون بصلاة أبي بكر»(4).
4 ـ حدّثنا إسحاق بن نصر، قال: حدّثنا حسين، عن زائدة، عن عبدالملك بن عمير، قال: حدّثني أبو بردة، عن أبي موسى، قال: «مرض النبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم فاشتدّ مرضه، فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس.
قالت عائشة: إنّه رجل رقيق، إذا قام مقامك لم يستطع أنْ يصلّي بالناس!
قال: مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس، فعاودت.
فقال: مُري أبا بكر فليصلِّ بالناس، فإنّكنّ صواحب يوسف.
فأتاه الرسول فصلّى بالناس في حياة النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم»(5).
5 ـ حدّثنا عبداللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أُم المؤمنين أنّها قالت: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم قال في مرضه: مروا أبا بكر يصلّي بالناس.
قالت عائشة: قلت: إنّ أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء! فمُر عمر فليصلِّ للناس.
فقالت عائشة: فقلت: لحفصة قولي له: إنّ أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فَمُرْ عمر فليصلِّ للناس. ففعلت حفصة.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: مَهْ، إنّكنّ لأنتنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ للناس.
فقالت حفصة لعائشة: ما كنتُ لأُصيب منك خيراً»(6).
6 ـ حدّثنا أحمد بن يونس، قال: حدّثنا زائدة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبيداللّه بن عبداللّه بن عتبة، قال: «دخلت على عائشة فقلت: ألا تحدّثيني عن مرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم؟
قالت: بلى، ثقل النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم فقال: أصلّى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك.
قال: ضعوا لي ماءً في المخضب، قالت: ففعلنا فاغتسل، فذهب لينوء فأُغمي عليه.
ثمّ أفاق، فقال صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: أصلّى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول اللّه.
قال: ضعوا لي ماءً في المخضب، قالت: فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأُغمي عليه.
ثمّ أفاق فقال: أصلّى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول اللّه.
فقال: ضعوا لي ماءً في المخضب، فقعد فاغتسل، ثمّ ذهب لينوء فأُغمي عليه.
ثمّ أفاق فقال: أصلّى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول اللّه. والناس عكوف في المسجد ينتظرون النبي عليه السلام لصلاة العشاء الآخرة.
فأرسل النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم إلى أبي بكر بأنْ يصلّي بالناس، فأتاه الرسول فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يأمرك أن تصلّي بالناس. فقال أبو بكر ـ وكان رجلاً رقيقاً ـ : يا عمر، صلِّ بالناس. فقال له عمر: أنت أحقّ بذلك. فصلّى أبو بكر تلك الأيام.
ثمّ إنّ النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وجد من نفسه خفّةً، فخرج بين رجلين أحدهما العبّاس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلّي بالناس، فلمّا رآه أبو بكر ذهب ليتأخّر، فأومأ إليه النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم بأنْ لا يتأخّر.
قال: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر. قال: فجعل أبو بكر يصلّي وهو يأتمّ بصلاة النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم، والناس بصلاة أبي بكر والنبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم قاعد.
قال عبيداللّه: فدخلت على عبداللّه بن عبّاس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم؟ قال: هات.
فعرضت عليه حديثها، فما أنكر شيئاً، غير أنّه قال: أسمَّتْ لك الرجل الذي كان مع العبّاس؟ قلت: لا، قال: هو عليّ»(7).
7 ـ حدّثنا مسدّد، قال: حدّثنا عبداللّه بن داود، قال: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لمّا مرض النبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم مرضه الذي مات فيه، أتاه بلال يؤذنه بالصّلاة. فقال: مروا أبا بكر فليصلّ.
قلت: إنّ أبا بكر رجل أسيف، إنْ يقم مقامك يبك فلا يقدر على القراءة!
قال: مروا أبا بكر فليصلِّ.
فقلت مثله، فقال في الثالثة أو الرابعة: إنّكنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ; فصلّى.
وخرج النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يهادي بين رجلين كأنّي أنظر إليه يخطّ برجليه الأرض، فلمّا رآه أبو بكر ذهب يتأخّر، فأشار إليه أنْ صلِّ، فتأخّر أبو بكر وقعد النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم إلى جنبه وأبو بكر يسمع الناس التكبير»(8).
8 ـ حدّثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لمّا ثقل رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم جاء بلال يؤذنه بالصّلاة، فقال: مُروا أبا بكر أنْ يصلّي بالناس. فقلت: يا رسول اللّه إنّ أبا بكر رجل أسيف، وإنّه متى ما يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر.
فقال: مروا أبا بكر يصلّي بالناس.
فقلت لحفصة: قولي له: إنّ أبا بكر رجل أسيف، وإنّه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر.
قال: إنّكنّ لأنّتنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر أن يصلّي بالناس.
فلمّا دخل في الصلاة وجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم في نفسه خفّةً، فقام يهادي بين رجلين ورجلاه تخطّان في الأرض حتّى دخل المسجد.
فلمّا سمع أبو بكر حسّه ذهب أبو بكر يتأخّر، فأومأ إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم حتّى جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يصلّي قائماً وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم يصلّي قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي اللّه عنه»(9).
9 ـ حدّثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك الأنصاري ـ وكان تبع النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وخدمه وصحبه ـ «أنّ أبا بكر كان يصلّي لهم في وجع النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم الذي توفّي فيه، حتّى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة، فكشف النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأنّ وجهه ورقة مصحف، ثمّ تبسّم يضحك، فهممنا أنْ نفتتن من الفرح برؤية النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم. فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصفّ، وظنّ أنّ النبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم خارج إلى الصلاة، فأشار إلينا النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم أنْ أتمّوا صلاتكم، وأرخى الستر، فتوفّي من يومه».
10 ـ حدّثنا أبو معمر، قال: حدّثنا عبدالوارث، قال: حدّثنا عبدالعزيز، عن أنس، قال: «لم يخرج النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ثلاثاً، فأُقيمت الصلاة، فذهب أبو بكر يتقدّم، فقال نبي اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم بالحجاب فرفعه، فلمّا وضح وجه النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ما نظرنا منظراً كان أعجب إلينا من وجه النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم حين وضح لنا، فأومأ النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم بيده إلى أبي بكر أنْ يتقدّم، وأرخى النبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم الحجاب فلم يقدر عليه حتى مات»(10).
(1) هو أبو داود الطيالسي.
(2) صحيح البخاري 1 / 236 كتاب الجماعة والإمامة باب حدّ المريض أن يشهد الجماعة الرقم 633.
(3) صحيح البخاري 1 / 241 كتاب الجماعة والإمامة باب أهل العلم والفضل أحقّ بالإمامة الرقم 650.
(4) صحيح البخاري 1 / 241 ـ 242 كتاب الجماعة والإمامة باب من قام إلى جنب الإمام لعلّة الرقم 651.
(5) صحيح البخاري 1 / 240 كتاب الجماعة والإمامة باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة الرقم 646.
(6) صحيح البخاري 1 / 240 كتاب الجماعة والإمامة باب أهل العلم والفضل أحقّ بالإمامة الرقم 647.
(7) صحيح البخاري 1 / 243 ـ 244 كتاب الجماعة والإمامة باب إنما جعل الإمام ليؤتمّ به الرقم 655.
(8) صحيح البخاري 1 / 251 كتاب الجماعة والإمامة باب من أسمع الناس تكبير الإمام الرقم 680.
(9) صحيح البخاري 1 / 251 ـ 252 كتاب الجماعة والإمامة باب الرجل يأتمّ بالإمام ويأتمّ الناس بالمأموم الرقم 681.
(10) صحيح البخاري 1 / 240 ـ 241 كتاب الجماعة والإمامة باب أهل العلم والفضل أحقّ بالإمامة 648 و 649.