رواية الحاكم:
وأخرج الحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405 قائلاً:
«حدّثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أنبأ العبّاس بن الفضل الأسفاطي، ثنا إسماعيل بن أبي أُويس.
وأخبرني إسماعيل بن محمّد بن الفضل الشعراني، ثنا جدّي، ثنا ابن أبي أُويس، حدّثني أبي، عن ثور بن زيد الديلي، عن عكرمة، عن ابن عبّاس:
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم خطب الناس في حجّة الوداع فقال: قد يئس الشيطان أن يُعبد بأرضكم، ولكنّه رضي أن يُطاع فيما سوى ذلك ممّا تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا، يا أيّها الناس، إنّي قد تركت فيكم ما إنْ اعتصمتم به فلنْ تضلّوا أبداً: كتاب اللّه وسُنّة نبيّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم، إنّ كلّ مسلم أخ المسلم، المسلمون إخوة، ولا يحلّ لامرىء من مال أخيه إلاّ ما أعطاه عن طيب نفس، ولا تظلموا، ولا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.
وقد احتجّ البخاري بأحاديث عكرمة، واحتج مسلم بابن أبي أُويس، وسائر رواته متّفق عليهم. وهذا الحديث لخطبة النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم متّفق على إخراجه في الصحيح: يا أيّها الناس إنّي قد تركت فيكم ما لنْ تضلّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب اللّه، وأنتم مسؤولون عنّي فما أنتم قائلون؟
وذِكْرُ الاعتصام بالسُنّة في هذه الخطبة غريب، ويحتاج إليها.
وقد وجدت له شاهداً من حديث أبي هريرة:
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ محمّد بن عيسى بن السكن الواسطي، ثنا داود بن عمرو الضبّي، ثنا صالح بن موسى الطلحي، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم:
إنّي قد تركت فيكم شيئين لنْ تضلّوا بعدهما: كتاب اللّه وسُنّتي، ولن يتفرّقا حتى يردا عَلَيَّ الحوض»(1).
(1) المستدرك على الصحيحين 1 / 171 ـ 172 كتاب العلم الأرقام 318 و 319.