تأمّلات في ألفاظ الحديث:
وهنا أسئلة:
الأول: هل خطب عليٌّ ابنة أبي جهل حقّاً؟
الملاحظ أنّ في حديث الليث، عن ابن أبي مليكة، عن المسور: «سمعت النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يقول: إنّ بني المغيرة استأذنوني في أن ينكح عليٌّ ابنتهم . . .».
وفي أغلب طرق حديث الزهري ـ وبعض الأحاديث الأُخرى ـ عن عليّ بن الحسين، عن المسور: «أنّ عليَّ بن أبي طالب خطب . . .».
وفي حديث عبداللّه بن الزبير: «أنّ عليّاً ذكر بنت أبي جهل . . .».
وهذا ليس اختلافاً في التعبير فحسب . . ..
الثاني: هل وُعد عليٌّ النكاح؟
صريح بعض الأحاديث عن الزهري: «وعد النكاح» وهو ظاهر الأحاديث الأُخرى ـ عن الزهري أيضاً ـ التي فيها قول فاطمة للنبي: «هذا عليٌّ ناكحاً» أو «نكح»، فإنّه بعد رفع اليد عن ظهوره في تحقّق النكاح، فلابُدّ من وقوع الخطبة والوعد بالنكاح.
لكن في حديث أبي حنظلة: «فقال له أهلها: لا نزوِّجك على ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم».
الثالث: هل وقع الاستئذان من النبي؟
صريح الحديث عن الليث عن المسور أنّه سمع النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يعلن أنّه قد استؤذِن في ذلك وأنّه لا يأذن. لكن صريح الحديث عن الزهري عن المسور، أنّه سمعه تشهّد ثم قال: «أمّا بعد، أنكحتُ أبا العاص بن الربيع، فحدّثني وصدقني . . .» أو نحو ذلك مِمّا فيه التعريض بِعَليٍّ، وليس فيه تعرّض للمشورة والاستئذان منه! وكذا الحديث عن أيّوب عن ابن الزبير، لا تعرّض فيه للاستئذان، لكن بلا تعريض، فجاء فيه: «فبلغ ذلك النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم فقال: إنّما فاطمة بضعة منّي . . .».
الرابع: من الذي استأذن؟
قد عرفت خلوّ حديث الزهري عن الاستئذان مطلقاً.
ثم إنّ كثيراً من الأحاديث تنصّ على استئذان أهل المرأة. وفي بعضها: أنّه استأذن بنفسه وقال له: «أتأمرني بها؟ فقال: «لا، فاطمة مضغة منّي . . . فقال: لا آتي شيئاً تكرهه».
الخامس: من الذي أبلغ النبي؟
في حديث أيّوب عن ابن الزبير: «فبلغ ذلك . . .».
وفي حديث الليث عن ابن أبي مليكة عن المسور: أنّهم أهل المرأة حيث جاءوا إليه ليستأذنوه . . ..
وفي حديث سويد بن غفلة: أنّه عليٌّ نفسه، حيث جاء ليستأذنه . . ..
لكنْ في حديث الزهري: إنّها فاطمة! . . . إنّها لَمّا سمعت بذلك خرجت من بيتها وأتت النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وجَعَلت تخاطبه بما لا يليق! يقول الزهري: «إنّ عليّاً خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم فقالت: يزعم قومك أنّك لا تغضب لبناتك، وهذا عليٌّ ناكح بنت أبي جهل، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم . . .».
بل في حديث يرويه، مفادُه شيوع الخبر بين الناس!! يقول: «فقال الناس: أترون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يجد من ذلك؟! فقال ناسٌ . . . وقال ناسٌ . . .».
وهناك أسئلة أُخرى . . ..
فألفاظ الحديث متناقضة جدّاً، والقضيّة واحدة، وقد تحيّر الشرّاح هنا أيضاً واضطربت كلماتهم، ولم يوفِّقوا للجمع بينها وإن حاولوا وتمحّلوا!!
Menu