بقي الكلام فيمَن تزوّجها:
قد عرفت أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان قد حبس بناته لأبناء أخيه جعفر، بل إنّ ذلك كان بأمر من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقد «نظر النبي صلّى اللّه عليه وآله إلى أولاد عليّ وجعفر عليهم السلام فقال: بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا»(1).
وفي خصوص أُمّ كلثوم جاء في حديث: «خطب عمر إلى عليّ ابنته أُمّ كلثوم فاعتلّ عليٌّ بصغرها وقال: أعددتها لابن أخي. يعني جعفراً»(2) فلم يعيّن الابن . . . لكنّ الأمر يدور بين «عون» و«محمّد» لأنّ «عبداللّه» كان أكبرهم سنّاً، وقد زوّجه ابنته «زينب» كما تقدّم.
فأمّا «عون» فلم أجد خلافاً بين علماء أهل السُنّة ـ والكلام كلّه يدور على أخبارهم وأقوالهم ـ في أنّه قتل يوم تستر على عهد عمر، والمفروض ـ بحسب تلك الأخبار على فرض صحّتها ـ كونها في عقد عمر.
أمّا «محمّد» فقال ابن حجر: «وذكر أبو عمر عن الواقدي أنّه كان يكنّى أبا القاسم، وأنّه تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بعد عمر. قال: واستشهد بتستر.
وقيل: إنّه عاش إلى أنْ شهد صفّين مع عليّ. قال الدارقطني في كتاب «الإخوة»: يقال: إنّه قتل بصفّين، اعترك هو وعبيداللّه بن عمر بن الخطّاب فقتل كلٌّ منهما الآخر.
وذكر المرزباني في «معجم الشعراء»: أنّه كان مع أخيه محمّد بن أبي بكر بمصر، فلمّا قتل اختفى محمّد بن جعفر، فدلَّ عليه رجل من عك ثم من غافق، فهرب إلى فلسطين، وجاء إلى رجل من أخواله من خثعم، فمنعه من معاوية، فقال في ذلك شعراً.
وهذا محقّق يردّ قول الواقدي إنّه استشهد بتستر»(3).
وعلى هذا يكون هو الذي تزوّج أُمّ كلثوم بعد موت عمر ـ على الفرض المذكور ـ وعليه نصّ ابن عبدالبرّ كما تقدّم.
أمّا «عبداللّه» فمن الممكن أن يكون قد تزوّج بها بعد زوجها وبعد موت «زينب» زوجته، لأنّه بقي حيّاً إلى سنة ثمانين وهو ابن تسعين سنة كما اختاره ابن عبدالبرّ(4).
* * *
(1) من لا يحضره الفقيه 3 / 249 أبواب القضايا والأحكام باب الاكفاء الرقم 1184.
(2) ذخائر العقبى: 288، كنز العمّال 13 / 269 كتاب الفضائل باب فضائل النساء وذكرهن من الصحابيات الرقم 37586.
(3) الإصابة 6 / 7.
(4) الاستيعاب 3 / 17.