الحديث العاشر
أخرج ابن أبي خيثمة في (تاريخه) وأبو يعلى والبزّار وأبو نعيم، عن أنس، قال:
«كنت مع النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم في حائط، فجاء آت فدقّ الباب. فقال: يا أنس، قم فافتح له وبشّره بالجنّة وبالخلافة من بعدي; فإذا أبو بكر. ثم جاء رجل فدقّ الباب فقال: يا أنس، قم فافتح له وبشّره بالجنّة وبالخلافة من بعد أبي بكر; فإذا عمر. ثم جاء رجل فدقّ الباب فقال: افتح له وبشّره بالجنّة وبالخلافة من بعد عمر وأنّه مقتول; فإذا عثمان».
رواه عنهم السيوطي(1).
وقال الخطيب: «الصقر بن عبدالرحمن بن بنت مالك بن مغول، يكنّى أبا بهز، وهو كوفي، نزل بغداد وحدّث بها . . . أخبرني عليّ بن محمّد بن الحسن المالكي، أخبرنا عبداللّه بن عثمان الصفّار، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى الصيرفي، حدّثنا عبداللّه بن علي بن المديني، قال: قلتُ لأبي في حديث أبي بهز عن ابن إدريس عن المختار بن فلفل عن أنس: كان في حائط فقال: إئذن له وبشّره بالجنّة، مثل حديث أبي موسى؟ فقال: كذب، هذا موضوع . . ..
ثم روى بإسناده عن طريق أبي يعلى: حدّثنا أبو بهز صقر بن عبدالرحمن بن بنت مالك بن مغول، حدّثنا عبداللّه بن إدريس، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، قال: جاء النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم فدخل إلى بستان فأتى آت فدقّ الباب فقال: قم يا أنس . . ..
قال عبدالمؤمن: سألت أبا علي عن الصقر فقال: كان شيخاً مغفّلاً مطروحاً ببغداد . . . وأبو الصقر عبدالرحمن بن مالك بن مغول كان ـ يعني الصقر ـ يضع الحديث.
قال أبو عليّ صالح بن محمّد: عبدالرحمن بن مالك بن مغول من أكذب الناس، وأبو بهز ابنه كان أكذب من أبيه»(2).
وروى العيني هذا الحديث في شرح البخاري فقال:
«رواه أبو يعلى الموصلي من حديث المختار بن فلفل عن أنس وقال: هذا حديث حسن»(3).
أقول:
قد عرفت تنصيص غير واحد من حفّاظ القوم على كون الرجل من أكذب الناس، وأنّ الحديث موضوع . . . على أنّ ابن عديّ يحكي عن أبي يعلى أنّه كان إذا حدّثنا عنه ضعّفه . . ..
وممّن نصّ على أنّ هذا الحديث كذب هو: الذهبي، فإنّه ذكر «الصقر» في (ميزانه) فقال:
«الصقر بن عبدالرحمن، أبو بهز، سبط مالك بن مغول، حدّث عن عبداللّه بن إدريس عن مختار بن فلفل عن أنس بحديث كذب: قم يا أنس فافتح لأبي بكر وبشّره بالخلافة من بعدي; وكذا في عمر وعثمان.
قال ابن عديّ: كان أبو يعلى إذا حدّثنا عنه ضعّفه. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: كان يضع الحديث. وقال أبو علي جزرة: كذّاب . . .»(4).
وتبعه ابن حجر في (لسانه) فذكر عبارة الذهبي ثم روى الحديث بإسناده عن أبي يعلى عن صقر بن عبداللّه بن إدريس عن مختار بن فلفل عن أنس . . . ثم قال:
«وإلاّ لو صحّ هذا لَما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى، وكان يعهد إلى عثمان بلا نزاع، واللّه المستعان»(5).
* * *
(1) الخصائص الكبرى 2 / 438.
(2) تاريخ بغداد 9 / 340 ـ 341.
(3) عمدة القاري 16 / 176 ـ 177.
(4) ميزان الاعتدال 3 / 434 ـ 435.
(5) لسان الميزان 3 / 227 ـ 228.