استشهاد بعضهم بحديث مختلَق:
وكأنّ العيني التفت إلى أنّ الحديث ـ مع ذلك كلّه ـ قاصر عن «الإشارة» فضلاً عن «الدلالة» على الخلافة، فقال: «وقد ادّعى بعضهم أنّ الباب كناية عن الخلافة . . . وإلى هذا مال ابن حبّان . . .» ثمّ قال: «وعن أنس قال: جاء رسول اللّه فدخل بستاناً . . .» إلى آخر الحديث، وقد تقدّم . . ..
فإنّ ذكر هذا الحديث في هذا المقام بعد كلمة «وقد ادّعى . . .» ظاهر في عدم الموافقة على ما قيل، ولذا التجأ إلى الاستدلال ـ أو الاستشهاد ـ للمدّعى بحديث آخر.
لكنّه حديث باطل سنداً ومتناً، والاستدلال به من العيني في هذا الموضع بشرح البخاري عجيب جدّاً . . . لكنّه الاضطرار وضيق الخناق!!
وإنْ كنتَ في ريب ممّا قلنا . . . فإليك عبارة ابن حجر في الحديث ورجاله:
«الصقر بن عبدالرحمن أبو بهز سبط مالك بن مغول. حدّث عن عبداللّه بن إدريس، عن مختار بن فلفل، عن أنس بحديث كذب: قم يا أنس فافتح لأبي بكر وبشّره بالخلافة من بعدي، وكذا في عمر وعثمان.
قال ابن عديّ: كان أبو يعلى إذا حدّثنا عنه ضعّفه.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: كان يضع الحديث.
وقال أبو عليّ جزرة: كذّاب . . ..
وقد قال عبداللّه بن عليّ بن المديني: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: كذب موضوع».
ثمّ روى ابن حجر الحديث . . . وقال:
«وإلاّ لو صحّ هذا لَما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى، وكان يعهد إلى عثمان بلا نزاع. واللّه المستعان»(1).
وأقول:
وإنّ كلّ حديث جاء في مناقب الخلفاء وذكرت أساميهم على الترتيب حديث موضوع بلا ريب . . ..
ثمّ إنّا نجد أنساً في هذا الحديث يقوم كلّ مرّة ويفتح الباب بكلّ سرعة، ولا يقابلهم بما قابل به أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الطير حيث ردّه غير مرّة، ولمّا غضب عليه النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم اعتذر بأنّه كان يرجو أن يكون ـ الذي سأل النبي حضوره ـ رجلاً من الأنصار!!
(1) لسان الميزان 3 / 227 ـ 228.