أمّا الحديث عن عليّ:
فقد رواه عنه الترمذي بطريقين، وعبداللّه بن أحمد بطريق ثالث.
أمّا الطريق الأوّل فقد نبّه على ضعفه الترمذي:
أولاً: بأنّ عليّ بن الحسين لم يسمع من عليّ بن أبي طالب، والواسطة بينهما غير مذكور، وهذا قادح على مذهب أهل السُنّة.
وثانياً: بأنَّ الوليد بن محمّد الموقّري يُضعَّف في الحديث:
قال ابن المديني: ضعيف لا يكتب حديثه.
وقال الجوزجاني: كان غير ثقة، يروي عن الزهري عدّة أحاديث ليس لها أُصول.
وقال أبو زرعة الرازي: ليّن الحديث.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة، منكر الحديث.
وقال مرةً: متروك الحديث.
وقال الترمذي: يضعف في الحديث.
وقال ابن خزيمة: لا يحتجّ به.
وقال ابن حبّان: روى عن الزهري أشياء موضوعة . . ..
وقال أبو داود: ضعيف.
بل قال ابن معين ـ في رواية عنه ـ : كذّاب. وكذا قال غيره(1)
قلت:
وهذا الحديث عن الزهري.
وأمّا «الزهري»، فقد ترجمنا له في بعض بحوثنا السابقة فلا نعيد.
وأمّا الطريق الثاني:
فهو عن الشعبي عن الحارث عن عليّ . . . عند الترمذي . . ..
وكذا . . . عند ابن ماجة . . ..
أمّا الشعبي، فقد ترجمنا له في بعض البحوث السابقة.
وأمّا الحارث، وهو «الحارث بن عبداللّه الأعور» فإليك بعض كلماتهم فيه:
قال أبو زرعة: لا يحتجّ بحديثه.
وقال أبو حاتم: ليس بقويّ ولا ممّن يحتجّ بحديثه.
وقال النسائي: ليس بالقويّ.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن عديّ: عامّة ما يرويه غير محفوظ.
بل وصفه غير واحد منهم بالكذب!
بل عن الشعبي ـ الراوي عنه ـ : كان كذّاباً!! وقد وقع هذا عندهم موقع الإشكال! كيف يكذّبه ثم يروي عنه؟! إنّ هذا يوجب القدح في الشعبي نفسه!
فقيل: إنّه كان يكذّب حكاياته لا في الحديث. وإنّما نقم عليه إفراطه في حبّ عليّ!(2).
قلت: إن كان كذلك فقد ثبت القدح للشعبي، إذ الإفراط في حبّ عليّ لا يوجب القدح ولا يجوّز وصفه بالكذب، ومن هنا ترى أنّ غير واحد ينصّ على وثاقة الحارث . . ..
هذا، ولا حاجة إلى النظر في حال رجال السندين حتى الشعبي، وإلاّ، فإنّ «الحسن بن عمارة» عند ابن ماجة:
قال الطيالسي: قال شعبة: ائت جرير بن حازم، فقل له: لا يحلّ لك أنْ تروي عن الحسن بن عمارة فإنّه يكذب . . ..
وقال ابن المبارك: جرحه عندي شعبة وسفيان، فبقولهما تركت حديثه.
وقال أبو بكر المروزي عن أحمد: متروك الحديث.
وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال مرةً: ضعيف. وقال مرّةً: ليس حديثه بشيء.
وقال عبداللّه بن المديني عن أبيه: كان يضع.
وقال أبو حاتم ومسلم والنسائي والدارقطني: متروك الحديث.
وقال النَسائي أيضاً: ليس بثقة ولا يكتب حديثه.
وقال الساجي: ضعيف متروك، أجمع أهل الحديث على ترك حديثه.
وقال الجوزجاني: ساقط.
وقال جزرة: لا يكتب حديثه.
وقال ابن المبارك عن ابن عيينة: كنت إذا سمعت الحسن بن عمارة يحدّث عن الزهري، جعلت إصبعيَّ في أُذنيَّ.
وقال ابن سعد: كان ضعيفاً في الحديث.
وقال يعقوب بن شيبة: متروك الحديث.
وقال ابن حبان: كان بلية الحسن التدليس عن الثقات ما وضع عليهم الضعفاء . . ..
وقال السهيلي: ضعيف بإجماع منهم(3).
قلت: فهذا حال هذا الرجل الذي روى عنه ابن ماجة! وروى عنه سفيان مع علمه بهذه الحال! وإذا كان سفيان جارحاً له فكيف يروي عنه؟! ألا يوجب ذلك القدح في سفيان كذلك وسقوط جميع رواياته عنه؟! وهذا الحديث من ذلك!
وأمّا الطريق الثالث:
فهو رواية عبداللّه، وفيه:
أوّلاً: إنّه ممّا أعرض عنه أحمد بناءً على ما تقدَّم.
وثانياً: إنّ فيه «الحسن بن زيد» . . . قال ابن معين: ضعيف. وقال ابن عديّ: «أحاديثه عن أبيه أنكر ممّا روى عن عكرمة»(4).
قلت: وهذا الحديث من ذاك!
وثالثاً: إنّ لفظه يشتمل على «وشبابها» وهذا يختصٌّ بهذا السند وهو كذب قطعاً.
(1) تهذيب التهذيب 11 / 131 ـ 132.
(2) لاحظ ذلك كلّه بترجمة الحارث من تهذيب التهذيب 2 / 134 ـ 135.
(3) لاحظ هذه الكلمات وغيرها بترجمته من تهذيب التهذيب 2 / 277 ـ 280.
(4) تهذيب التهذيب 2 / 256.