نفيه للتحريف مع روايته له:
فإنّه رحمه اللّه مؤلّف كتابين من «الكتب الأربعة» وهو من أكبر أساطين الإماميّة النافين لتحريف القرآن الشريف حيث يقول: «أمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره المرتضى رحمه اللّه، وهو الظاهر في الروايات. غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها»(1).
فالكلام في نقصان القرآن ممّا لا يليق بالقرآن، فيجب تنزيهه عنه.
والقول بعدم النقصان هو الأليق بالصحيح من مذهبنا.
وما روي في نقصانه أخبار آحاد لا توجب علماً ولا عملاً، فالأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها.
وهذه الكلمات تؤكّد ما ذكرناه من أنّ الرواية شيء والأخذ بها شيء آخر، لأنّ الشيخ الطوسي الذي يقول بأنّ أخبار النقصان لا توجب علماً ولا عملاً، فالأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها، يروي بعضها في كتابه (إختيار معرفة الرجال)(2)، بل يروي في (تهذيب الأحكام) ـ وهو أحد الكتب الأربعة ـ قضيّة رجم الشيخ والشيخة ـ المذكورة قريباً ـ بسند صحيح(3).
أمّا في كتابه (الخلاف)، فالظاهر أنّ استدلاله بخبر الرّجم من باب الإلزام، لأنّه ـ بعد أن حكم بوجوب الرجم على الثيّب الزانية ـ حكى عن الخوارج أنّهم قالوا: لا رجم في شرعنا، لأنّه ليس في ظاهر القرآن ولا في السنّة المتواترة، فأجاب بقوله: «دليلنا: إجماع الفرقة… وروي عن عمر أنّه قال: لولا أنّني أخشى أن يقال زاد عمر في القرآن لكتبت آية الرجم في حاشية المصحف»(4).
إذن، فالشيخ الطوسي ينفي التحريف، ورواية الحديث ونقله لا يعني الإعتماد عليه والقول بمضمونه والإلتزام بمدلوله.
(1) التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي 1 : 3، مقدمة الكتاب.
(2) أُنظر: الفائدة الثامنة من الفوائد المذكورة في خاتمة الجزء الثالث من تنقيح المقال في علم الرجال، 3 : 98 ـ 99، لمعرفة أنّ الكتاب المعروف برجال الكشي الموجود الآن هو للشيخ الطوسي.
(3) التهذيب 10 : 3، كتاب الحدود، باب حدود الزنا، الحديث 7.
(4) الخلاف، كتاب الحدود، حدّ المحصن، المسألة 1، 5 : 365.