من الأحاديث الموضوعة و الباطلة في الصحيحين
1 ـ أخرج البخاري في كتاب الطبّ بسنده عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال في كسب المعلّمين: «إنّ أحقّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب اللّه»(1).
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، حيث رواه بسنده عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وطعن في سنده ثم قال: «والحديث منكر»(2).
2 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس قال «في (إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ): إذا حدّث ألقى الشيطان في حديثه، فيبطل اللّه ما يلقي الشيطان ويحكم آيات» وفي رواية غيره أنه: «قرأ رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ بمكّة النجم فلمّا بلغ: (أَ فَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى * وَمَناةَ الثّالِثَةَ اْلأُخْرى) ألقى الشيطان على لسانه…»(3).
قال الرازي: «أمّا أهل التحقيق فقد قالوا: هذه الرواية باطلة موضوعة… عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنّه سئل عن هذه القصّة فقال: هذا وضع من الزنادقة وصنّف فيه كتاباً.
وقال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي: هذه القصّة غير ثابتة من جهة النقل»(4).
وقال القاضي عياض المالكي: «قد قامت الحجّة وأجمعت الأُمّة على عصمته ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة…»(5).
3 ـ قال ابن حزم في (المحلى): «ومن طريق البخاري، قال: هشام بن عمار، نا صدقة بن خالد، نا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، نا عطيّة بن قيس الكلابي، حدّثني عبدالرحمن بن غنم الأشعري، حدّثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري ـ وواللّه ما كذبني ـ أنّه سمع رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ يقول: ليكونّن من أُمّتي قوم يستحلّون الخزّ والحرير والخمر والمعازف.
وهذا منقطع لم يتّصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد، ولا يصحّ في هذا الباب شيء أبداً، وكلّ ما فيه فموضوع»(6).
4 ـ أخرج البخاري بسنده عن عروة: «إنّ النبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ خطب عائشة إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: إنّما أنا أخوك، فقال: أنت أخي في دين اللّه وكتابه، وهي لي حلال»(7).
قال ابن حجر: «قال مغلطاي: في صحّة هذا الحديث نظر، لأنّ الخلّة لأبي بكر إنّما كانت بالمدينة، وخطبة عائشة كانت بمكّة، فكيف يلتئم قوله إنّما أنا أخوك؟! وأيضاً فالنبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ما باشر الخطبة بنفسه…»(8).
5 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «يلقى إبراهيم أباه فيقول: يا ربّ إنّك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون: فيقول اللّه: إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين»(9).
قال ابن حجر: «وقد استشكل الإسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحّته، فقال بعد أن أخرجه: هذا خبر في صحّته نظر من جهة أنّ إبراهيم علم أنّ اللّه لا يخلف الميعاد، فكيف يجعل ما صار لأبيه خزياً مع علمه بذلك؟! وقال غيره: هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى: (وَما كانَ اسْتِغْفارُ…)»(10).
6 ـ أخرج البخاري في كتاب الصلح بسنده عن أنس، قال: «قيل للنبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ لو أتيت عبداللّه بن أُبَيّ، فانطلق إليه النبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ وركب حماراً، فانطلق المسلمون يمشون معه وهي أرض سبخة، فلمّا أتاه النبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فقال: إليكَ عنّي، واللّه لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: واللّه لحمار رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ أطيب ريحاً منك، فغضب لعبداللّه رجل من قومه فتشما، فغضب لكلّ واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال، فبلغنا أنّها أنزلت: (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما)»(11).
قال الزركشي: «فبلغنا أنّها نزلت: (وَإِنْ طائِفَتانِ) قال ابن بطّال: يستحيل نزولها في قصّة عبداللّه بن أُبَيّ والصحابة، لأنّ أصحاب عبداللّه ليسوا بمؤمنين وقد تعصّبوا بعد الإسلام في قصّة الإفك، وقد رواه البخاري… فدلّ على أنّ الآية لم تنزل فيه، وإنّما نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حقّ فاقتتلوا بالعصي والنعال»(12).
7 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن ابن عمر قال: «لمّا توفّي عبداللّه بن أُبَيّ، جاء ابنه عبداللّه بن عبداللّه إلى رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فسأله أن يعطيه قميصه يكفّن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلّي عليه، فقام رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ليصلّي، فقام عمر فأخذ بثوب رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فقال: يا رسول اللّه، أتصلّي عليه وقد نهاك ربّك أن تصلّي عليه؟! فقال رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ : إنّما خيّرني اللّه فقال: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعينَ مَرَّةً) وسأزيده على السبعين. قال: إنّه منافق! قال: فصلّى عليه رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فأنزل اللّه: (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَد مِنْهُمْ ماتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ)»(13).
طعن فيه:
أبو بكر الباقلاني
وإمام الحرمين الجويني.
وأبو حامد الغزّالي.
والإمام الداودي.
قال ابن حجر: «استشكل فهم التخيير من الآية، حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحّة هذا الحديث، مع كثرة طرقه واتّفاق الشيخين وسائر الّذين خرّجوا الصحيح على تصحيحه…» ثم ذكر كلمات القوم ثم قال: «والسبب في إنكارهم صحّته ما تقرّر عندهم ممّا قدّمناه، وهو الذي فهمه عمر رضي اللّه عنه من حمل (أو) على التسوية لما يقتضيه سياق القصّة، وحمل السبعين على المبالغة…»(14).
8 ـ أخرج البخاري بسنده عن مسروق، قال: «أتيت ابن مسعود فقال: إنّ قريشاً أبطؤا عن الإسلام، فدعا عليهم النبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فأخذتهم سِنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وإنّ قومك هلكوا… .
زاد أسباط عن منصور: فدعا رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فسقوا الغيث…»(15).
طعن فيه:
إبن حجر العسقلاني.
والعيني، صاحب (عمدة القاري).
والإمام الداودي.
وأبو عبدالملك.
والحافظ الدمياطي.
والكرماني، صاحب (الكواكب الداري).
قال العيني: «واعترض على البخاري بزيادة أسباط هذا، فقال الداودي: أدخل قصّة المدينة في قصّة قريش وهو غلط. وقال أبو عبدالملك: الذي زاده أسباط وَهْمٌ واختلاط… وكذا قال الحافظ شرف الدين الدمياطي… .
والعجب من البخاري، كيف أورد هذا وكان مخالفاً لما رواه الثقات!!
وقد ساعد بعضهم البخاري بقوله: لا مانع أن يقع ذلك مرّتين. وفيه نظر لا يخفى.
وقال الكرماني، فإن قلت: قصّة قريش والتماس أبي سفيان كانت في مكّة لا في المدينة. قلت: القصّة مكّية إلاّ القدر الذي زاد أسباط فإنه وقع في المدينة»(16).
وقال ابن حجر بترجمة أسباط: «علّق له البخاري حديثاً في الإستسقاء، وقد وصله الإمام أحمد والبيهقي في السنن الكبير، وهو حديث منكر أوضحته في التعليق…»(17).
وهذا من المواضع التي اعترف فيها ابن حجر بنكارة الحديث ولم يتمكّن من الدفاع عنه… .
9 ـ أخرج البخاري عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «تكثر لكم الأحاديث من بعدي فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب اللّه تعالى…».
قال يحيى بن معين: «إنّه حديث وضعته الزنادقة».
وقال التفتازاني: «طعن فيه المحدّثون».
قال: «وقد طعن فيه المحدّثون بأنّ في رواته يزيد بن ربيعة وهو مجهول، وترك في إسناده واسطة بين الأشعث وثوبان فيكون منقطعاً. وذكر يحيى بن معين أنّه حديث وضعته الزنادقة. وإيراد البخاري إيّاه في صحيحه لا ينافي الإنقطاع أو كون أحد رواته غير معروف بالرواية»(18).
10 ـ أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر: «كنّا في زمن النبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ لا نفاضل بينهم»(19).
قال ابن عبدالبرّ: «هو الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ، لأنّ القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه أهل السُنّة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر: أنّ عليّاً أفضل الناس بعد عثمان، وهذا ممّا لم يختلفوا فيه، وإنّما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان. واختلف السلف أيضاً في تفضيل علي وأبي بكر.
وفي إجماع الجميع الذي وصفنا دليل على أنّ حديث ابن عمر وهم وغلط وأنّه لا يصحّ معناه وإن كان إسناده صحيحاً…»(20).
11 ـ أخرج الشيخان عن شريك بن عبداللّه عن أنس بن مالك قصّة إسراء النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم «قال: سمعت ابن مالك يقول: ليلة أُسري برسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ من مسجد الكعبة أنّه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم…»(21).
طعن فيه النووي فقال: «وذلك قبل أن يوحى إليه، وهو غلط لم يوافق عليه، فإن الإسراء أقلّ ما قيل فيه: أنّه كان بعد مبعثه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ بخمسة عشر شهراً…»(22).
والكرماني فقال: «قال النووي: جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء، من جملتها أنّه قال: ذلك قبل أن يوحى إليه. وهو غلط لم يوافق عليه. وأيضاً: العلماء أجمعوا على أنّ فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل الوحي.
أقول: وقول جبريل في جواب بوّاب السماء إذ قال: أُبعِث: نعم، صريح في أنّه كان بعده»(23).
وابن القيّم وعبارته: «قد غلّط الحفّاظ شريكاً في ألفاظ من حديث الإسراء، ومسلم أورد المسند منه ثم قال: فقدّم وأخّر وزاد ونقص، ولم يسرد الحديث فأجاد»(24).
12 ـ أخرج البخاري بسنده: «عن عمرو بن ميمون، قال: رأيت في الجاهلية قِرْدَة اجتمع عليها قِرَدَة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم»(25).
طعن فيه:
الحافظ الحميدي.
وابن عبدالبرّ.
قال ابن حجر: «استنكر ابن عبدالبرّ قصّة عمرو بن ميمون هذه وقال: فيها إضافة الزنا إلى غير مكلّف، وإقامة الحدّ على البهائم، وهذا منكر عند أهل العلم… وأغرب الحميدي في الجمع بين الصحيحين، فزعم أنّ هذا الحديث وقع في بعض نسخ البخاري، وأنّ أبا مسعود وحده ذكره في الأطراف، قال: وليس في نسخ البخاري أصلاً، فلعلّه من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري…»(26).
13 و 14 و 15 ـ أخرج البخاري ثلاثة أحاديث عن عطاء عن ابن عبّاس، اثنان منها في كتاب الطلاق، والآخر في كتاب التفسير(27).
وقد طعن الأئمّة في هذه الأحاديث. وأذعن ابن حجر بخطأ البخاري في إخراجها، وهذا نصّ كلامه: «تعقّبه أبو مسعود الدمشقي فقال: ثبت هذا الحديث والذي قبله ـ يعني بهذا الإسناد سوى الحديث المتقدّم في التفسير ـ من تفسير ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عبّاس، وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني، وإنّما أخذ الكتاب من ابنه عثمان ونظر فيه. قال أبو علي: وهذا تنبيه بديع من أبي مسعود…».
قال ابن حجر: «وهذا عندي من المواضع العقيمة عن الجواب السديد، ولابُدّ للجواد من كبوة، واللّه المستعان. وما ذكره أبو مسعود من التعقّب قد سبقه إليه الإسماعيلي، ذكر ذلك الحميدي في الجمع عن البرقاني عنه، قال: وحكاه عن علي بن المديني، يشير إلى القصّة التي ساقها الجيّاني، واللّه الموفق»(28).
16 ـ أخرج البخاري في كتاب المغازي بسنده عن مسروق بن الأجدع قال: «حدّثتني أُمّ رومان ـ وهي أُمّ عائشة ـ …»(29).
وقد غلّط كبار الأئمّة هذا الحديث من جهة أنّ مسروقاً لم يدرك أمّ رومان… ومنهم:
الخطيب البغدادي(30).
وابن عبدالبرّ القرطبي(31).
والقاضي عياض في مشارق الأنوار(32).
وإبراهيم بن يوسف، صاحب مطالع الأنوار(33).
وأبو القاسم السهيلي شارح السيرة(34).
وابن سيّد الناس صاحب السيرة(35).
والحافظ المزّي(36).
والحافظ شمس الدين الذهبي(37).
والحافظ صلاح الدين العلائي(38).
17 ـ أخرج البخاري في كتاب المغازي بسنده عن علي: «إنّ رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ نَهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر الإنسية»(39).
وأخرجه مسلم بأسانيد متعدّدة(40).
وقد غلّط هذا الحديث جماعة منهم:
الحافظ أبو بكر البيهقي.
والحافظ إبن عبدالبرّ.
والحافظ أبو القاسم السهيلي.
والحافظ إبن قيّم الجوزية.
والعلاّمة العيني.
وشهاب الدين القسطلاني… .
قال السهيلي: «هذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر أنّ المتعة حرّمت يوم خيبر…»(41).
وقال ابن القيّم: «لم تحرّم المتعة يوم خيبر وإنّما كان تحريمها عام الفتح، هذا هو الصواب. وقد ظنّ طائفة من أهل العلم أنّه حرّمها يوم خيبر، واحتجّوا بما في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه…»(42).
وقال العيني: «قال ابن عبدالبرّ: وذكر النهي عن المتعة يوم خيبر غلط. وقال السهيلي…»(43).
وقال القسطلاني: «قال ابن عبدالبرّ: إنّ ذكر النهي يوم خيبر غلط، وقال السهيلي لا يعرفه أحد من أهل السير»(44).
18 ـ أخرج البخاري:… عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه: لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاثاً…
«عن أبي هريرة: لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلاّ ثلاث كذبات، ثنتين منهنّ في ذات اللّه عزّوجلّ: قوله إنّي سقيم. وقوله: بل فعله كبيرهم هذا.
وقال: بينا هو ذات يوم وسارة، إذ أتى على جبّار من الجبابرة فقيل له: إنّ هاهنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس، فأرسل إليه فسأله عنها، فقال: من هذه؟ قال: أُختي…»(45).
وأخرجه مسلم(46).
وهذا الحديث كذّبه الفخر الرازي في تفسيره وقال: بأنّ نسبة الكذب إلى الراوي أولى من نسبته إلى الخليل عليه السلام(47).
19 ـ أخرج مسلم عن عكرمة بن عمّار، عن أبي زميل، عن ابن عبّاس، قال: «كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبيّ ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ : يا نبي اللّه ثلاث أعطنيهنّ، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله أُمّ حبيبة بنت أبي سفيان أُزوّجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعم، قال: وتؤمّرني حتّى أقاتل الكفّار كما كنت أقاتل المسلمين، قال: نعم…»(48).
وقد طعن فيه جماعة سنداً ومتناً منهم:
الحافظ الذهبي(49).
والحافظ إبن حزم.
والحافظ النووي.
والحافظ إبن القيّم.
والحافظ إبن الجوزي.
قال إبن القيّم في (زاد المعاد): «إنّ حديث عكرمة في الثلاث التي طلبها أبو سفيان من النبي ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ غلط ظاهر لا خفاء به. قال أبو محمد ابن حزم: هو موضوع بلا شك، كذبه عكرمة بن عمّار. قال ابن الجوزي: هذا الحديث وَهْمٌ من بعض الرواة لا شكّ فيه ولا تردّد.
وقد اتّهموا به عكرمة بن عمّار، لأنّ أهل التواريخ أجمعوا على أنّ أمّ حبيبة كانت تحت عبيداللّه بن جحش، ولدت له وهاجر بها إلى أرض الحبشة، ثم تنصّر وثبتت أمّ حبيبة على إسلامها، فبعث رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ إلى النجاشي يخطبها فزوّجه إيّاها وأصدقها عن رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ صداقاً، وذلك في سنة سبع من الهجرة. وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة ودخل عليها فثنت فراش رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ حتى لا يجلس عليه. ولا خلاف في أنّ أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكّة سنة ثمان.
وأيضاً: في الحديث أنّه قال: وتؤمّرني حتى أُقاتل الكفّار كما كنت أُقاتل المسلمين فقال: نعم، ولا يعرف أنّه ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ أمّر أبا سفيان ألبتّة».
وقال النووي: «إعلم أنّ هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال…»(50).
20 ـ أخرج مسلم حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ وقد ضعّفه الطحاوي وغيره… كما قد تقدّم في عبارة عبدالقادر القرشي.
(1) صحيح البخاري 7 : 170.
(2) الموضوعات 1 : 229.
(3) لاحظ: إرشاد الساري 7 : 242 ـ 243، الدر المنثور 4 : 366.
(4) تفسير الرازي 23 : 50.
(5) الشفاء 2 : 118.
(6) المحلّى 9 / 59.
(7) صحيح البخاري 7 : 6.
(8) فتح الباري 11 : 26.
(9) صحيح البخاري 6 : 139.
(10) فتح الباري 8 : 46.
(11) صحيح البخاري 3 : 239.
(12) التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح: 133.
(13) صحيح البخاري 6 : 85 و 2 : 121.
(14) فتح الباري 8 : 271.
(15) صحيح البخاري 2 : 37.
(16) عمدة القاري 7 : 46.
(17) تهذيب التهذيب 1 : 121.
(18) التلويح في أُصول الفقه 2 : 397.
(19) صحيح البخاري 5 : 18.
(20) الاستيعاب 2 : 1115.
(21) صحيح البخاري 9 : 182، صحيح مسلم 1 : 102.
(22) المنهاج في شرح مسلم 2 : 65.
(23) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 25 : 204.
(24) زاد المعاد في هدي خير العباد 2 : 49.
(25) صحيح البخاري 5 : 56.
(26) فتح الباري 7 : 127.
(27) صحيح البخاري 7 : 62 ـ 63 و 6 : 199.
(28) هدى الساري، مقدمة فتح الباري 2 : 135.
(29) صحيح البخاري 5 : 154.
(30) أُنظر: فتح الباري 7 : 353.
(31) الاستيعاب 4 : 1937.
(32) أُنظر: فتح الباري 7 : 353.
(33) المصدر.
(34) الروض الآنف 6 : 440.
(35) عيون الأثر 2 : 101.
(36) تهذيب الكمال 35 / 360.
(37) اُنظر: فتح الباري 7 : 353.
(38) المصدر.
(39) صحيح البخاري 5 : 172، وانظر 7 : 123 و 9 : 31.
(40) صحيح مسلم 4 : 134 ـ 135.
(41) الروض الانف 6 : 557.
(42) زاد المعاد 2 : 142 و 2 : 183 و 4 : 6.
(43) عمدة القاري 17 : 246 ـ 247.
(44) إرشاد الساري 6 : 536 و 8 : 41.
(45) صحيح البخاري 4 : 171.
(46) صحيح مسلم 7 : 98.
(47) تفسير الرازي 22 : 185 و 26 : 148.
(48) صحيح مسلم 7 : 171.
(49) ميزان الإعتدال 3 : 90.
(50) شرح صحيح مسلم، هامش إرشاد الساري 11 : 360.