كلمة في زيد بن ثابت
قلت: وما رواه الأعمش عن شقيق، أخرجه مسلم والنسائي وأبو عوانة وابن أبي داود… وسواء كان صحيحاً أو موضوعاً… فإنّ أمرَ جميع ما ورد حول القرآن، مشتملاً على دور لزيد بن ثابت فيه. مريبٌ… .
لأنّ هذا الرجل الذي كان حين قدوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المدينة ابن احدى عشرة سنة(1) قد جعلوه من مؤلّفي القرآن على عهد الرسول… وأنّه على قراءته عارض جبريل القرآن مع النبي عام وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم… وأنّه الذي جمع القرآن الموجود على عهد عثمان بأمره… وأن القرآن الموجود على حرف زيد…!!
فإن صحّ هذا كلّه فهي «شنشنة أعرفها من أخزم».
ولكنّ محمد بن كعب القرظي، لم يذكر زيداً فيمن جمع القرآن على عهد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم(2).
أمّا على عهد أبي بكر، فقد عرفت بطلان أحاديث الجمع على عهده، على أنّ أبا بكر لم يصفه إلاّ بـ«إنّك رجل شابٌ عاقل لا نتّهمك»، وما كان فيه شيء يتقدّم به على ابن عبّاس وابن مسعود وأُبَيّ بن كعب وأضرابهم من حفّاظ القرآن وقرّائه والعلماء فيه… .
مضافاً إلى أنّ قوماً من أهل السُنّة عارضوا بهذا الحديث حديث أنس بن مالك أنّ زيد بن ثابت أحد الّذين جمعوا القرآن على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قالوا: «فلو كان زيد قد جمع القرآن على عهد رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ لأملاه من صدره وما احتاج إلى ما ذكره»(3).
وأمّا حديث معارضة القرآن على قراءته ـ كما عن ابن قتيبة ـ ، فقد تكذّبه رواية وكيع وجماعة معه، عن الأعمش عن أبي ظبيان «قال: قال لي عبداللّه بن عبّاس: أيّ القراءتين تقرأ؟ قلت: القراءة الأُولى قراءة ابن أُمّ عبد، فقال: أجل هي الآخرة، إنّ رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ كان يعرض القرآن على جبرئيل في كلّ عام مرّة، فلمّا كان العام الذي قبض فيه رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ عرضه عليه مرّتين، فحضر ذلك عبداللّه فعلم ما نسخ من ذلك وما بدّل»(4).
(1) الاستيعاب، الترجمة 840، 2 : 538.
(2) الإتقان في علوم القرآن، النوع العشرون في معرفة حفاظه ورواته 1 : 248، منتخب كنز العمال، الباب السابع في تلاوة القرآن وفضائله، الفصل الرابع في التفسير 2 : 47.
(3) الاستيعاب، حرف الزاى، باب زيد ترجمة 480، زيد بن ثابت بن الضحاك 2 : 538.
(4) المصدر، حرف العين، باب عبداللّه ترجمة 1659، عبداللّه بن مسعود بن غافل 3 : 992.