كلمة حول أنس بن مالك
بل الكلام في أنس بن مالك نفسه… لأنّا قد وجدناه رجلاً كاذباً كاتماً للحقّ، آبياً عن الشهادة به، في قضية مناشدة أمير المؤمنين بحديث الغدير… فإنّ أنس بن مالك كان في الناس الّذين نشدهم أمير المؤمنين عليه السلام وطلب منهم الشهادة بما سمعوا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يوم غدير خم… فقام القوم فشهدوا إلاّ ثلاثة منهم لم يقوموا فدعا عليهم فأصابتهم دعوته، منهم أنس بن مالك… .
إذ قال له الإمام: «يا أنس، ما يمنعك أن تقوم فتشهد فلقد حضرتها؟ فقال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت، فقال: اللّهم إن كان كاذباً فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة»(1).
ووجدناه كاذباً في قضية حديث الطائر… فإنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لمّا أُتي إليه طائر مشوي ليأكل منه وقال: «اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليَّ يأكل معي من هذا الطائر» كان يترقّب دخول علي عليه السلام عليه، وكان أنس كلّما جاء علي ليدخل ردّه قائلاً: «إنّ رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ على حاجة» حتى كانت المرة الأخيرة، فرفع علي يده فوكز في صدر أنس ثمّ دخل… فلما نظر إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قام قائماً فضمّه إليه وقال: ما أبطأ بك يا علي؟! قال: يا رسول اللّه، قد جئت ثلاثاً، كلّ ذلك يردّني أنس، قال أنس: فرأيت الغضب في وجه رسول اللّه وقال: يا أنس، ما حملك على ردّه؟! قلت: يا رسول اللّه سمعتك تدعو، فأحببت أن تكون الدعوة في الأنصار، قال: «لست بأوّل رجل أحبّ قومه، أبى اللّه يا أنس إلاّ أن يكون ابن أبي طالب»(2).
إنّه يكذب غير مرّة، ويمنع أحبّ الناس إلى اللّه ورسوله من الدخول، ويتسبّب في تأخير استجابة دعوة الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، و… كما يحصر حفّاظ القرآن في أربعة من الأنصار… حبّاً لهم…!!.
إنّ الباعث له على ما فعل في قصّة الطائر ليس «حبّ الأنصار» بل «بغض الأمير»… هذه الحقيقة التي كشف عنها بكتمان الشهادة بحديث «الغدير»… .
(1) أُنظر: نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار، قسم حديث الغدير، والغدير 1 : 386.
(2) حديث الطير من الأحاديث المتواترة، تجده في جلّ كتب الحديث والفضائل، وله طرق كثيرة جدّاً حتى أفرده بضعهم بالتأليف… وكلّها تشتمل على صنيع أنس بن مالك… وهذا الحديث أيضاً من الأحاديث المبحوث عنها بالتفصيل في كتابنا (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار) في الجزئين: 13 ـ 14.