قضية ابن شنبوذ
وهنا سؤال يتعلّق بقضية ابن شنبوذ البغدادي…
فهذا الرجل ـ وهو أبو الحسن محمد بن أحمد، المعروف بابن شنبوذ البغدادي، المتوفى سنة 328 ـ مقرئ مشهور، ترجم له الخطيب وقال: «حدّث… عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر… وكان قد تخيّر لنفسه حروفاً من شواذّ القراءات تخالف الإجماع، فقرأ بها، فصنّف أبو بكر ابن الأنباري وغيره كتباً في الردّ عليه.
… قال أنبأنا إسماعيل بن علي الخطبي في كتاب التاريخ: قال واشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ، يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف، ممّا يروى عن عبداللّه بن مسعود وأُبَيّ بن كعب وغيرهما، ممّا كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان بن عفّان، ويتبع الشواذّ فيقرأ بها ويجادل، حتى عظم أمره وفحش وأنكره الناس، فوجّه السلطان فقبض عليه… وأحضر القضاة والفقهاء والقرّاء… وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطرّه إلى الرجوع، فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين وضربه بالدرّة على قفاه، فضرب نحو العشرة ضرباً شديداً، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة، فخُلّي عنه وأُعيدت عليه ثيابه واستتيب، وكتب عليه كتاب بتوبته وأُخذ فيه خطّه بالتوبة»(1).
نكتفي بهذا القدر من قضية هذا الرجل وما لاقاه من السلطان بأمر الفقهاء والقضاة…!! ونتساءل: أهكذا يفعل بمن تبع الصحابة في إصرارهم على قراءتهم حسبما يروي أهل السُنّة عنهم في أصحّ أسفارهم؟!
(1) تاريخ بغداد، الترجمة 122، 1 : 280، وفيات الأعيان، الترجمة 622، 3 : 395، وقد ذكر ابن شامة القصّة في المرشد الوجيز، الباب الخامس، 187 وكأنّه يستنكر ما قوبل به الرجل…!!