خلاصة البحث:
ويتلخّص البحث في هذه الناحية في النقاط التالية:
1 ـ إنّ من أخبار نقصان القرآن ما لا اعتبار به سنداً، فهو خارج عن البحث.
2 ـ إنّ الآثار الواردة في هذا الباب بسند صحيح أخبار آحاد، والخبر الواحد لا يثبت به القرآن.
3 ـ إنّ بعض هذه الآثار الصحيحة سنداً، صالح للحمل على التفسير وبيان شأن النزول ونحو ذلك، فلا داعي لإبطاله.
4 ـ إنّ حمل ما لا يقبل الحمل على بعض الوجوه المذكورة على نسخ التلاوة ساقط، للوجوه الأربعة المذكورة، والتي منها: أنّ القول بنسخ التلاوة هو القول بالتحريف، بل أقبح منه.
5 ـ إنّ إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوّذتين خطأ وضلالة منه، وتكذيب الخبر الحاكي لذلك باطل، كما أنّ تأويل فعله ساقط.
6 ـ إنّ ما سمّي بـ«سورتي الحفد والخلع» ليس من القرآن قطعاً، وإن رواه القوم عن جمع من الصحابة من غير أهل البيت عليهم السلام، قال العلاّمة الحلّي: «روى غير واحد من الصحابة سورتين… فقال عثمان: إجعلوهما في القنوت ولم يثبتهما في المصحف، وكان عمر يقنت بذلك، ولم ينقل ذلك من طريق أهل البيت عليهم السلام فلو قنت بذلك جاز لاشتماله على الدعاء»(1).
7 ـ إنّ ضرب ابن شنبوذ وقع في غير محلّه ـ كمصادرة كتاب «الفرقان» ـ من حيث أنّ الذنب للصحابة ورواة الآثار الواردة عنهم أو الموضوعة عليهم حول الآيات.
ثم رأينا الحافظ ابن الجزري يلمّح إلى ما استنتجناه، حيث ترجم لابن شنبوذ وشرح محنته، وذكر أنّها كانت كيداً من معاصره ابن مجاهد الذي كان يحسده وينافسه، وإلاّ فإنّ الإقراء بما خالف الرسم ليس ممّا يستوجب ذلك، بل نقل عن الحافظ الذهبي ذهاب بعض العلماء قديماً وحديثاً إلى جوازه… قال ابن الجزري:
«وكان قد وقع بينه وبين أبي بكر بن مجاهد على عادة الأقران، حتى كان ابن شنبوذ لا يقرئ من يقرأ على ابن مجاهد وكان يقول: هذا العطشي ـ يعني ابن مجاهد ـ لم تغبرّ قدماه في هذا العلم، ثم إنّه كان يرى جواز القراءة بالشاذّ وهو ما خالف رسم المصحف الإمام، قال الذهبي الحافظ: مع أنّ الخلاف في جواز ذلك معروف بين العلماء قديماً وحديثاً. قال: وما رأينا أحداً أنكر الإقراء بمثل قراءة يعقوب وأبي جعفر، وإنّما أنكر من أنكر القراءة بما ليس بين الدفّتين. والرجل كان ثقة في نفسه صالحاً ديّناً متبحّراً في هذا الشأن، لكنّه كان يحطّ على ابن مجاهد…»(2).
8 ـ إنّ ما لا يقبل الحمل على بعض الوجوه، يجب ردّه ورفضه، فإن أذعن القوم بكونه مختلقاً مدسوساً في الصحاح سقطت كتبهم الصحاح عن الاعتبار، وإلاّ توجّه الردّ والتكذيب إلى الصحابي المرويّ عنه، كما هو الحال بالنسبة إلى ابن مسعود في قضية الفاتحة والموّذتين، وهو قول سيّدنا أبي عبداللّه عليه السلام: «أخطأ ابن مسعود ـ أو قال: كذب ابن مسعود ـ وهما من القرآن…»(3).
وهكذا يظهر أنّ القول بعدالة الصحابة أجمعين، والقول بصحّة أحاديث الصحاح ـ وخاصّة الصحيحين ـ مشهوران لا أصل لهما. وسيأتي مزيد بيان لذلك ـ في الفصل الخامس والأخير ـ إن شاء اللّه تعالى.
(1) تذكرة الفقهاء 1 : 128، كتاب الصلاة، مندوبات الصلاة، القنوت.
(2) غاية النهاية في طبقات القرّاء 2 : 54، الترجمة 2107.
(3) وسائل الشيعة 4 : 786، كتاب الصلاة، أبواب القراءة في الصلاة، باب جواز القراءة بالمعوّذتين.