خلاصة البحث
ويتلخّص البحث في هذه الناحية في النقاط التالية:
1 ـ إنّ الآثار المشتملة على وقوع «الخطأ» في القرآن الكريم باطلة، وإن كانت مخرّجة في الصحاح وفي غيرها بأسانيد صحيحة… وفاقاً لمن قال بهذا من أعلام المحقّقين من أهل السُنّة كما عرفت… ووجود الأحاديث الباطلة في الصحاح الستّة أمر ثابت، وعدد الأحاديث من هذا القبيل فيها ليس بقليل… كما ستعرف.
2 ـ إنّ التأويلات التي ذكرت من قبل القائلين بصحّة هذه الآثار لا تحلّ المشكلة كما عرفت، ولذا اضطرّ بعضهم إلى القول بأنّها محرّفة، والتزم بالإشكال بعض آخر، ومنه قول ابن قتيبة: «ليست تخلو هذه الحروف من أن تكون على مذهب من مذاهب أهل الإعراب فيها أو تكون غلطاً من الكاتب كما ذكرت عائشة، فإن كانت على مذاهب النحويّين فليس هاهنا لحن بحمد اللّه، وإن كانت خطأ في الكتاب، فليس على اللّه ولا على رسوله جناية الكاتب في الخطّ»(1).
3 ـ إنّ مصادرة كتاب «الفرقان» ـ إن كانت لأجل إثبات «اللّحن» في الكتاب ـ لا تحلّ المشكلة بشكل من الأشكال، فإنّ صاحب هذا الكتاب ينقل الآثار المتضمّنة لهذا المعنى عن الكتب المعتبرة والتي أُخرجت فيها تلك الآثار بأسانيد صحيحة على شرط الشيخين، ثمّ يؤكّدها بقوله: «ليس ما قدّمناه من لحن الكتاب في المصحف بضائره أو بمشكّك في حفظ اللّه تعالى له، بل إنّ ما قاله ابن عبّاس وعائشة وغيرهما من فضلاء الصحابة وأجلاّء التابعين أدعى لحفظه وعدم تغييره وتبديله. وممّا لا شكّ فيه أنّ كُتّاب المصحف من البشر، يجوز عليهم ما يجوز على سائرهم من السّهو والغفلة والنسيان. والعصمة للّه وحده…
ومثل لحن الكتّاب كلحن المطابع…»(2).
وعلى هذا الأساس يدعو هذا المؤلف إلى تغيير الرسم العثماني وجعل الألفاظ كما ينطق بها اللّسان وتسمعها الآذان، بل ينقل عن العزّ ابن عبدالسلام أنّه قال بعدم جواز كتابة المصحف بالرسم الأول…(3).
أقول: إنّ مسألة الرسم والخطّ هي أيضاً من المشاكل المترتّبة على القول بصحّة هذه الآثار عن الصحابة والالتزام بصدورها عنهم، فإن لم تكن مترتّبة عليه فلا أقلّ من أن يكون القول بصحّة تلك الآثار سنداً ومتناً مؤيّداً لمن يدعو إلى تغيير الرسم والكتابة. ونحن هنا لا نتعرّض لهذه المسألة، بل نقول بأنّ استدلال مؤلف كتاب «الفرقان» أو استشهاده بهذه الآثار تامّ، وأنّه لا يلام على إيراده تلك الآثار في كتابه، بل اللّوم على من يرويها ويصحّح أسانيدها ويخرجها في كتابه… وأنّ طريق الجواب هو ردّها وإبطالها على ما ذكرناه بالتفصيل… .
(1) مشكل القرآن، غريب سورة طه ومشكلها 2 : 15.
(2) الفرقان: 41 ـ 46.
(3) المصدر: 58.