حول عبارة القمّي في مقدّمة تفسيره
1 ـ الشيخ علي بن إبراهيم القمي، صاحب التفسير المعروف باسمه، الثقة في الحديث والثبت المعتمد في الرواية عند علماء الرجال(1) ومن أعلام القرن الرابع.
فقد جاء في مقدمة التفسير ما هذا لفظه: «وأمّا ما هو محرّف منه فهو قوله: (لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ ـ في علي ـ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ) وقوله: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ـ في علي ـ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) وقوله: (إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا ـ وظلموا آل محمّد حقّهم ـ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ)وقوله: (وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا ـ آل محمّد حقّهم ـ أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ) وقوله: (وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ ـ آل محمّد حقّهم ـ في غَمَراتِ الْمَوْتِ) ومثله كثير نذكره في مواضعه»(2).
وذكر الشيخ الفيض الكاشاني عبارة القمي في (علم اليقين)، وعلى هذا الأساس نسب إليه الإعتقاد بالتحريف في كتاب (الصافي في تفسير القرآن).
لكنّ هذا يبتني على أن يكون مراد القمي من «ما هو محرّف منه» هو الحذف والإسقاط للفظ،… وأمّا إذا كان مراده ما ذكره الفيض نفسه من «أنّ مرادهم بالتحريف والتغيير والحذف إنّما هو من حيث المعنى دون اللفظ، أي حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله، أي حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر» فلا وجه لنسبة القول بالتحريف ـ بمعنى النقصان ـ إلى القمي، بعد عدم وجود تصريح منه بالإعتقاد بمضامين الأخبار الواردة في تفسيره، والقول بما دلّت عليه ظواهرها، بل يحتمل إرادته المعنى الذي ذكره الفيض، كما يدلّ عليه ما جاء في رسالة الإمام إلى سعد الخير فيما رواه الكليني.
مضافاً إلى أنّ في الكتاب نفسه، بالإسناد عن مولانا الصادق عليه السلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال لعلي عليه السلام: «القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس، فخذوه واجمعوه ولا تضيّعوه كما ضَيَّعَتِ اليهود التوراة»(3).
ويؤكّد هذا الإحتمال كلام الشيخ الصدوق، ودعوى الإجماع من بعض الأكابر على القول بعدم التحريف.
ثمّ إنّ الأخبار الواردة في تفسير القمي ليست كلّها للقمي رحمه اللّه بل جلّها لغيره، فقد ذكر شيخنا الشيخ آغا بزرك الطهراني أنّ القمي اعتمد في تفسيره على خصوص ما رواه عن الصادق عليه السلام، وكان جلّه ممّا رواه عن والده إبراهيم بن هاشم عن مشايخه البالغين إلى الستين رجلاً… .
قال: «ولخلوّ تفسيره هذا عن روايات سائر الأئمّة عليهم السلام، قد عمد تلميذه الآتي ذكره والراوي لهذا التفسير عنه، على إدخال بعض روايات الإمام الباقر عليه السلام التي أملاها على أبي الجارود في أثناء هذا التفسير،… وذلك التصرف وقع منه من أوائل سورة آل عمران إلى آخر القرآن»(4).
وهذه جهة أُخرى تستوجب النظر في أسانيد الأخبار الواردة فيه، لاسيّما ما يتعلّق منها بالمسائل الإعتقادية المهمّة كمسألتنا.
(1) أُنظر ترجمته في تنقيح المقال 2 : 260، باب علي، الترجمة 8102.
(2) تفسير القمّي 1 : 10، مقدمة الكتاب.
(3) المصدر 2 : 451 سورة الناس، وقد تقدّمت عبارته.
(4) الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4 : 303، رقم 1316.