حول آية «الحميّة»
روى الحافظ جلال الدين السيوطي عن النسائي والحاكم قال: وصحّحه ـ من طريق أبي إدريس «عن اُبيّ بن كعب رضي اللّه عنه أنّه كان يقرأ: «إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية ـ ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ـ فأنزل اللّه سكينته على رسوله» فبلغ ذلك عمر، فاشتدّ عليه فبعث إليه فدخل عليه، فدعا ناساً من أصحابه ـ فيهم زيد بن ثابت ـ فقال:
من يقرأ منكم سورة الفتح؟
فقرأ زيد على قراءتنا اليوم.
فغلّظ له عمر، فقال: إني أتكلّم؟
قال: تكلّم.
فقال: لقد علمت أني كنت أدخل على النبي ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ويقرؤني وأنت بالباب، فإن أحببت أن اُقرىء الناس على ما أقرأني أقرأت، وإلاّ لم أقرأ حرفاً ما حييت.
قال: بل أقرئ الناس»(1).
وفي هذا الحديث: أنّ عمر بن الخطاب عندما بلغته قراءة أبيّ اشتدّ عليه ثم أغلظ له أمام ناس من الصحابة، ولكن اُبيّاً خصمه بما قال، ومعنى ذلك: أنّ تلك الزيادة قد تعلّمها من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وهو عندما كان يُقرئ الناس كان يعتقد بأنّه يقرؤهم القرآن الكريم كما اُنزل على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
ولقد كان لاعتقاده الراسخ وجزمه برأيه أثره البالغ في نفس عمر، حتى قال له بعد أن اشتدّ عليه وأغلظ له: «بل أقرئ الناس».
وقد روى الحافظ السيوطي الحديث عن:
1 ـ النسائي صاحب السنن أحد الصحاح الستّة.
2 ـ الحاكم صاحب المستدرك على الصحيحين. وذكر أن الحاكم صحّح الحديث.
(1) الدر المنثور 6 : 77، سورة الفتح، الآية 26.