ترجمة السيد شبر و رأيه
4 ـ السيد عبد اللّه ابن السيّد محمّد رضا الشبّر الحسيني الكاظمي، المتوفّى سنة 1242، المترجم له في كتب الرجال بالثناء والإطراء، قال الشيخ القمي: «الفاضل النبيل والمحدّث الجليل، والفقيه المتبحّر الخبير، العالم الربّاني المشتهر في عصره بالمجلسي الثاني، صاحب شرح المفاتيح في مجلدات، وكتاب جامع المعارف والأحكام في الأخبار ـ شبه بحار الأنوار ـ وكتب كثيرة في التفسير والحديث والفقه وأُصول الدين وغيرها»(1).
وقد يذكر هذا السيّد في الطائفة الثانية لكلام له جاء في كتاب (مصابيح الأنوار)، ثمّ لاحظنا أنّه في (تفسيره) يفسّر الآيات المستدلّ بها على نفي التحريف بمعنى آخر، ولم يشر إلى عدم التحريف في بحثه حول القرآن ووجوه إعجازه في كتابه (حق اليقين في معرفة أُصول الدين).
وأمّا عبارته في كتابه (مصابيح الأنوار)، فهذا نصّها:
«الحديث 153: ما رويناه عن ثقة الإسلام في (الكافي) والعياشي في تفسيره بإسنادهما عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل القرآن على أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام. وزاد العياشي: ولنا كرائم القرآن.
بيان: هذا الحديث الشريف فيه مخالفة لما اشتهر بين الأصحاب وصرّحوا به: من أنّ الآيات التي يستنبط منها الأحكام الشرعية خمسمائة آية تقريباً.
ولما ذهب إليه أكثر القرّاء(2) من أنّ سور القرآن بأسرها مائة وأربعة عشر سورة، وإلى أنّ آياته ستة آلاف وستمائة وستّة وستّون آية، وإلى أنّ كلماته سبع وسبعون ألف وأربعمائة وسبع وثلاثون كلمة، وإلى أنّ حروفه ثلاثمائة ألف واثنان وعشرون ألف وستمائة وسبعون حرفاً، وإلى أنّ فتحاته ثلاث وتسعون ألف ومائتان وثلاث وأربعون فتحة، وإلى أنّ ضمّاته أربعون ألف وثمانمائة وأربع ضمّات، وإلى أنّ كسراته تسع وثلاثون ألفاً وخمسمائة وستّة وثمانون كسرة، وإلى أنّ تشديداته تسعة عشر ألف ومائتان وثلاث وخمسون تشديدة، وإلى أنّ مدّاته ألف وسبعمائة وإحدى وسبعون مدة.
وأيضاً، يخالف ما روياه بإسنادهما عن الأصبغ بن نباته قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدوّنا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام.
وما رواه العياشي بإسناده عن خثيمة عن أبي جعفر عليه السلام قال: القرآن نزل أثلاثاً: ثلث فينا وفي أحبّائنا، وثلث في أعدائنا وعدوّ من كان قبلنا، وثلث سنّة ومثل، ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ثمّ مات أُولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء، ولكن القرآن يجري أوّله على آخره ما دامت السماوات والأرض، ولكلّ قوم آية يتلونها من خير أو شر».
ثمّ قال رحمه اللّه: «ويمكن رفع التنافي بالنسبة إلى الأوّل: بأنّ القرآن الذي أُنزل على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أكثر ممّا في أيدينا اليوم وقد أُسقط منه شيء كثير، كما دلّت عليه الأخبار المتظافرة التي كادت أن تكون متواترة، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا: منية المحصّلين في حقيّة طريقة المجتهدين.
وبالنسبة إلى الثاني: بأنّ بناء هذا التقسيم ليس على التسوية الحقيقيّة ولا على التفريق من جميع الوجوه، فلا بأس باختلافه بالتثليث والتربيع، ولا بزيادة بعض الأقسام على الثلث والربع أو نقص عنهما، ولا دخول بعضها في بعض، واللّه العالم»(3).
أقول: ذكرنا أهمّ تلك الأخبار فيما مضى، مع النظر فيها من حيث السّند والدلالة. وأمّا دعوى تواترها فقد تقدّم بيان الحال فيها في فصل (الشبهات).
(1) الكنى والألقاب 2 : 352 «الشبّر».
(2) وكذا جاء أيضاً في «الوافي» و«مرآة العقول» نقلاه عن «المحيط الأعظم في تفسير القرآن» للسيد حيدر الآملي، من علماء القرن الثامن، عن أكثر القراء.
(3) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار 2 : 294 ـ 295، الحديث 153.