تأويل أحاديث نقصان القرآن
قال السيوطي: «وقد أوّله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق. وهو تأويل حسن، إلاّ إنّ الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك، حيث جاء فيها: ويقول: إنّهما ليستا من كتاب اللّه».
قال: ويمكن حمل لفظ كتاب اللّه على المصحف، فيتمّ التأويل المذكور.
لكن من تأمّل سياق الطرق المذكورة استبعد هذا الجمع.
وقد أجاب ابن الصبّاغ: بأنّه لم يستقرّ عند القطع بذلك ثمّ حصل الاتّفاق بعد ذلك، وحاصله: أنّهما كانتا متواترتين في عصره لكنّها لم يتواترا عنده.
وقال ابن قتيبة في «مشكل القرآن»: «ظنّ ابن مسعود أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن، لأنّه رأى النبي ـ صلّى اللّه عليه وآله ـ يعوّذ بهما الحسن والحسين، فأقام على ظنّه، ولا نقول: إنّه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار».
قال السيوطي: «وأمّا إسقاطه الفاتحة من مصحفه، فليس لظنّه أنّها ليست من القرآن، معاذ اللّه، ولكنّه ذهب إلى أنّ القرآن إنّما كُتب وجُمع بين اللّوحين مخافة الشكّ والنسيان والزيادة والنقصان، ورأى أنّ ذلك مأمون في سورة الحمد لقصرها ووجوب تعلّمها على كلّ واحد»(1).
أقول: هذه وجوه التأويل في حديث إنكار ابن مسعود كون الفاتحة والمعوّذتين من القرآن، ولهم في حمل الأحاديث الأُخرى وجوه:
(1) المصدر، النوع الثاني والثالث 1 : 272.