القسم السابع
الأحاديث الواردة عنهم عليهم السلام في أنّ ما بأيدي الناس هو القرآن النازل من عند اللّه
وصريح جملة من الأحاديث الواردة عن أئمّة أهل البيت، أنّهم عليهم السلام كانوا يعتقدون في هذا القرآن الموجود بأنّه هو النازل من عند اللّه سبحانه على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وهذه الأحاديث كثيرة ننقل هنا بعضها:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:
«كتاب ربّكم فيكم، مبيّناً حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وخاصّة وعامّة، وعبره وأمثاله، ومرسله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه، مفسّراً جمله، ومبيّناً غوامضه، بين مأخوذ ميثاق علمه، وموسّع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكتاب فرضه، ومعلوم في السنّة نسخه، وواجب في السنّة أخذه، ومرخّص في الكتاب تركه، وبين واجب بوقته، وزائل في مستقبله، ومباين بين محارمه، من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه، وبين مقبول في أدناه وموسّع في أقصاه»(1).
وقال عليه السلام: «أم أنزل اللّه سبحانه ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل اللّه سبحانه ديناً تامّاً فقصّر الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن تبليغه وأدائه؟ واللّه سبحانه يقول: (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْء ) و(فيه تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْء) وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضاً، وأنّه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فيهِ اخْتِلافًا كَثيرًا) وإنّ القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه ولا تنقضى غرائبه ولا تكشف الظلمات إلاّ به»(2).
وعن الريان بن الصلت قال: «قلت للرضا عليه السلام ما تقول في القرآن؟
فقال: كلام اللّه، لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا»(3).
وجاء فيما كتبه الإمام الرضا عليه السلام للمأمون في محض الإسلام وشرائع الدين:
«وإنّ جميع ما جاء به محمّد بن عبد اللّه هو الحق المبين، والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل اللّه وأنبيائه وحججه.
والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي (لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيم حَميد) وأنّه المهيمن على الكتب كلّها، وأنّه حق من فاتحته إلى خاتمته، نؤمن بمحكمه ومتشابهه، وخاصّه وعامّه، ووعده ووعيده، وناسخه ومنسوخه، وقصصه وأخباره، لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله»(4).
وعن علي بن سالم عن أبيه قال: «سألت الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام فقلت له: يا ابن رسول اللّه ما تقول في القرآن؟
فقال: هو كلام اللّه، وقول اللّه، وكتاب اللّه، ووحي اللّه وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي (لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيم حَميد)»(5).
(1) نهج البلاغة، الخطبة 1 : 32، يذكر فيها القرآن والأحكام الشرعية.
(2) المصدر، الخطبة 18 : 54 في ذمّ اختلاف العلماء في الفتيا.
(3) عيون أخبار الرضا، الحديث 209، 2 : 62، الأمالي، المجلس 81، 438.
(4) عيون أخبار الرضا، باب ما كتبه الرضا لمأمون في شرائع الإسلام، الحديث 1، 2 : 129.
(5) الأمالي، المجلس 81، الحديث 11، 438.