الفصل الأوّل
أحاديث التحريف في كتب السنّة
قد ذكرنا: أنّ المعروف من مذهب أهل السُنّة هو موافقة الشيعة الإثني عشرية في القول بصيانة القرآن الكريم من التحريف، فيكون هذا القول هو المتّفق عليه بين المسلمين.
بل نقل ابن حجر العسقلاني ـ وهو من كبار حفّاظ أهل السُنّة ومن أشهر علمائهم المحقّقين في مختلف العلوم ـ أنّ الشريف المرتضى الموسوي ـ وهو أحد أعاظم علماء الشيعة وأئمّتهم في مختلف العلوم كذلك ـ كان يكفّر من يقول بنقصان القرآن.
وإذا كان المعروف من مذهب أهل السُنّة ذلك، فمن اللاّزم أن يكونوا قد تأوّلوا أو أعرضوا عمّا جاء في كتبهم من الأحاديث الصريحة بوقوع التحريف وغيره من وجوه الإختلاف في القرآن الكريم، عن جماعة كبيرة من أعيان الصحابة وكبار التابعين ومشاهير العلماء والمحدّثين.
والواقع أنّ تلك الأحاديث موجودة في أهمّ أسفار القوم، وإن شقّ الإعتراف بذلك على بعض كتّابهم، وهي كثيرة ـ كما اعترف الآلوسي(1) ـ وليست بقليلة كما وصفها الرافعي(2).
هذا مضافاً إلى ما دلّ على وقوع الخطأ واللحن في القرآن، والزيادة فيه، وتبديل لفظ منه بلفظ آخر.
ولنذكر نماذج ممّا رووه عن الصحابة في الزيادة والتبديل، ثمّ ما رووه عنهم في النقيصة ـ وهو موضوع هذا الفصل ـ ثم طرفاً مما نُقل عن الصحابة من أقوالهم في وقوع الخطأ واللّحن في القرآن.
(1) روح المعاني 1 : 25، مقدمة الكتاب، الفن الخامس.
(2) إعجاز القرآن: 44، تاريخ القرآن، جمعه وتدوينه.