الشبهة الثالثة:
جمع القرآن من العسب ونحوها ومن صدور الرجال
وصريح بعض تلك الأحاديث: أنّهم تصدّوا لجمع القرآن من العسب والرقاع واللخاف(1) ومن صدور الرجال الباقين بعد حرب اليمامة، لكن بشرط أن يشهد شاهدان على أنّ ما يذكره قرآن، ففي الحديث عن زيد: «فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال» وفيه: «وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان».
ومن المتسالم عليه بين المسلمين عدم عصمة الأصحاب(2)، والعادة تقضي بعدم التمكّن من الإحاطة بجميع ما هم بصدده في هذه الحالة، بل لا أقل من احتمال عدم إمكان إقامة الشاهدين على بعض ما يدّعى سماعه من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، بل قد وقع ذلك بالنسبة إلى بعضهم كعمر في آية الرجم، حيث ذكروا: «أنّ عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنّه كان وحده».
لكن العجيب من زيد ردّ عمر لكونه وحده وقبول ما جاء به أبو خزيمة الأنصاري وحده، فلماذا ردّ عمر وقبل أبا خزيمة؟ وهل كان لأبي خزيمة شأن فوق شأن عمر؟ وهو من الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشّرة بالجنّة عندهم؟!
(1) اللخاف: حجارة بيض رقاق، واحدتها لخفة. الصحاح (لخف) 4 : 1426.
(2) بل فيهم من ثبت فسقه ونفاقه… وسنتكلّم بعض الشيء حول عدالة الصحابة في الفصل الخامس.