إضطرابهم فيما رووه عن ابن مسعود في المعوّذتين
وأمّا مشكلة إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوّذتين، فقد اضطربوا في حلّها اضطراباً شديداً كما رأيت، فأمّا دعوى أنّ ما روي عنه في هذا المعني موضوع وأنّه افتراء عليه، فغير مسموعة، لأنّ هذا الرأى عن ابن مسعود ثابت، وبه روايات صحيحة كما قال ابن حجر… .
وأمّا ما ذكروا في توجيهه فلا يغني، إذ أحسن ما ذكروا هو: أنّه لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، إنّما أنكر إثباتهما في المصحف، لأنّه كانت السُنّة عنده أن لا يثبت إلاّ ما أمر النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بإثباته، ولم يبلغه أمره به، وهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً(1).
ولو كان لمثل هذا الكلام مجال في حقّ مثل ابن مسعود، لَما جنح الرازي وابن حزم والنووي إلى تكذيب أصل النقل للخلاص من هذه العقدة كما عبّر الرازي… .
ولماذا كلّ هذا الإضطراب؟ ألأنّ ابن مسعود من الصحابة؟!
إنّ الجواب الصحيح أن نقول بتخطئة ابن مسعود وضلالته في هذه المسألة… وإلى ذلك أشار ابن قتيبة بقوله: «لا نقول إنّه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار».
(1) الإتقان في علوم القرآن، النوع الثاني والثالث 1 : 270 ـ 272، شرح الشفاء، للقاري 4 : 558. نسيم الرياض 4 : 558، فصل واعلم أنّ من استخفّ بالقرآن أو بالمصحف.