أحاديث كيفيّة جمع القرآن
ثمّ إنّ ممّا يدلّ على النقصان أو يثير شبهات في الأذهان، الأحاديث التي يروونها في كيفيّة جمع القرآن، وهي أيضاً كثيرة في العدد ومعتبرة في السند، وإليك شطراً منها:
1 ـ السيوطي عن زيد بن ثابت: «قبض النبيّ ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ولم يكن القرآن جمع في شيء»(1).
2 ـ البخاري بسنده عن زيد بن ثابت، قال: «أرسل إليّ أبوبكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبوبكر رضي اللّه عنه: إنّ عمر أتاني فقال: إنّ القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن، وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ قال عمر: هذا واللّه خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح اللّه صدري لذلك، ورأيت في ذلك رأي عُمر، قال زيد، قال أبوبكر: إنّك رجل شابّ عاقل لانتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ، فتتبع القرآن فاجمعه، فو اللّه لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ ممّا أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ ؟ قال: هو واللّه خير، فلم يزل أبوبكر يراجعني حتى شرح اللّه صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتّبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره: (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفّاه اللّه، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر»(2).
3 ـ وروى البخاري بسنده عن أنس، قال: «إنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وآذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأُمة قبل أنْ يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردّها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبداللّه بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنّما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كلّ اُفق بمصحف ممّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلّ صحيفة أو مصحف أن يحرق»(3).
4 ـ أخرج ابن أبي داود: «إنّ أبا بكر قال لعمر وزيد: أُقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب اللّه فاكتباه»(4).
5 ـ أخرج ابن أبي داود: «أنّ عمر سأل عن آية من كتاب اللّه: فقيل كانت مع فلان، قتل يوم اليمامة، فقال: إنّا للّه… وأمر بجمع القرآن، فكان أول من جمعه في المصحف»(5).
6 ـ أخرج ابن أبي داود بإسناده عن علي عليه السلام قال: «أعظم الناس في المصاحف أجراً أبوبكر، إنّ أبابكر هُوَ أوّل من جمع كتاب اللّه»(6).
(1) المصدر 1 : 202، النوع الثامن عشر في جمعه وترتيبه.
(2) صحيح البخاري، باب جمع القرآن، الحديث 1412، 3 : 580 ـ 581.
(3) المصدر، الحديث 1413.
(4) الإتقان في علوم القرآن 1 : 205، النوع الثامن عشر في جمعه وترتيبه.
(5) المصدر 1 : 204 ـ 205، النوع الثامن عشر.
(6) المصدر.