صحيحُ أبي داود
الذي يصلح لأنْ يسمّى «زبور أهل السنّة والجماعة» لأنّهم قد شبّهوا مصنّفه بداود عليه السلام فقالوا: «اُلين له الحديث كما اُلين لداود الحديد» لكنّهم جعلوا سننه كـ«المصحف» كما في (فيض القدير) قال: «أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني الشافعي، أخذ عن أحمد وخلق، وعنه الترمذي ومن لا يحصى، ولد سنة 202 ومات سنة 275، قالوا: ألين له الحديث كما ألين لداود الحديد. وقال بعض الأعلام: سننه اُم الأحكام، ولمّا صنّفه صار لأهل الحديث كالمصحف»(1)… وعليه، فهو أجلّ من أنْ يلقّب بـ «الزبور»!!
وترجم له النووي، فأورد كلماتهم في مدحه والثناء على كتابه، قال:
«أبو داود السجستاني، صاحب السنن… روى عنه: الترمذي والنسائي وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني… واتفق العلماء على الثناء على أبي داود ووصفه بالحفظ التام والعلم الوافي والإتقان والورع والدين والفهم الثاقب في الحديث وغيره.
روينا عن الحافظ أحمد بن محمّد بن ياسين الهروي قال: كان أبو داود أحد حفّاظ الإسلام لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعلمه وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والورع، ومن فرسان الحديث.
وقال الحاكم أبوعبدالله: كان أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة.
قال علاّن بن عبدالصمد: كان أبو داود من فرسان هذا الشأن.
روينا عن موسى بن هارون قال: خلق أبو داود في الدنيا للحديث وفي الآخرة للجنّة.
وقال أبو حاتم ابن حبّان: أبو داود أحد أئمّة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً ونسكاً وإتقاناً، جمع وصنّف وذبّ عن السنن.
وروينا عن إبراهيم الحربي قال لمّا صنّف أبو داود هذا الكتاب ـ يعني كتاب السنن ـ: اُلين لأبي داود الحديث كما اُلين لداود الحديد.
وروينا عن أبي عبدالله محمّد بن مخلد قال: كان أبو داود يفي بمذاكرة ألف حديث، فلمّا صنّف كتاب السنن وقرأه على الناس، صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف، يتبعونه ولا يخالفونه، وأقرّ له أهل زمانه بالحفظ والتقدّم فيه.
وروينا عن الإمام أبي سليمان الحربي قال: سمعت أباسعيد ابن الأعرابي ـ ونحن نسمع منه كتاب السنن لأبي داود، وأشار إلى النسخة وهي بين يديه ـ يقول: لو أنّ رجلاً لم يكن عنده من العلم إلاّ المصحف ثمّ هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شيء من العلم ألبتّة. قال الخطابي: وهذا كما قال…
قال الخطابي: واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنَّف في حكم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من الناس كافّة، فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وعليه معوَّل أهل العراق ومصر والمغرب وكثير من أقطار الأرض…
ومناقب أبي داود وكتابه كثيرة مشهورة، وفيما أشرت إليه كفاية.
ولد أبو داود سنة 102.
وتوفي بالبصرة، لأربع عشرة بقيت من شوال، سنة 275»(2).
وقال ابن الأثير: «قال أبو سليمان الخطابي: كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنَّف في علم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من كافّة الناس على اختلاف مذاهبهم، فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء، فلكلّ فيه ورد ومنه شرب، وعليه معوَّل أهل العراق ومصر وبلاد الغرب وكثير من مدن أقطار الأرض… وحلّ هذا الكتاب عند أئمّة الحديث وعلماء الحديث محلّ العجب، فضربت إليه أكباد الإبل ودامت إليه الرحل.
قال إبراهيم الحربي لمّا صنّف أبو داود هذا الكتاب: اُلين لأبي داود الحديث كما اُلين لداود عليه السلام الحديد. وقال ابن الأعرابي عن كتاب أبي داود: ولو أنّ رجلاً لم يكن عنده من العلم إلاّ المصحف الذي فيه كتاب الله عزّ وجلّ ثمّ هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شيء من العلم ألبتّة»(3).
(1) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 1: 24 ـ 25.
(2) تهذيب الأسماء واللغات 2/224 ـ 227.
(3) جامع الاُصول 1: 192.