ذمّ حبّ الرئاسة
هذا، وقد حمل أبا حنيفة حبّ الجاه وخدمة السلطان الجائر من أجل الوصول إلى الأغراض الدنيوية الدنيئة، على أن يحاول إفحام الامام أبي عبدالله الصادق عليه السلام في مسائل، لكي يسقط من أعين الناس، وقد حكى هو الخبر عن ذلك كما في كتاب (جامع مسانيد أبي حنيفة) لقاضي القضاة الخوارزمي حيث جاء فيه:
«أبو حنيفة، قال: جعفر بن محمّد أفقه من رأيت، ولقد بعث إليّ أبو جعفر المنصور أنّ النّاس قد فتنوا بجعفر بن محمّد، فهيّىء له مسائل شداداً، فلخّصت أربعين مسألة وبعثت بها إلى المنصور بالحيرة، ثمّ أبرد إليّ، فوافيته على سريره وجعفر بن محمّد عن يمينه، فوجدت من جعفر هيبة لم أجدها من المنصور، فأجلسني.
ثمّ التفت إلى جعفر قائلاً: يا أباعبدالله! هذا أبو حنيفة.
فقال: نعم أعرفه.
ثمّ قال المنصور: سله ما بدا لك يا أبا حنيفة.
فجعلت أسأله ويجيب الإجابة الحسنة، ويفحم، حتّى أجاب عن أربعين مسألة، فرأيته أعلم النّاس باختلاف الفقهاء، فلذلك أحكم أنّه أفقه من رأيت.
أخرجه الحافظ طلحة، عن أبي العباس أحمد بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن الحسين، عن أبي نجيح إبراهيم بن محمّد، عن الحسن بن زياد، عن أبي حنيفة»(1).
(1) جامع مسانيد أبي حنيفة 1: 222 ـ 223.