الخاتمة
* حديث الحوض
* ممّا ورد عن أئمّة أهل البيت في الصحابة
* من نوادر الأخبار في أمر الخلافة
حديث الحوض
حديث الحوض وضرورة الاعتقاد به
قال العلاّمة الحلّي رحمه الله:
«المطلب الخامس، فيما رواه الجمهور في حقّ الصحابة.
روى الحميدي، في الجمع بين الصحيحين، في مسند سهل بن سعد، في الحديث الثامن والعشرين، من المتّفق عليه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: أنا فرطكم على الحوض، من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً، وليردنَّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثمّ يحال بيني وبينهم.
قال أبو حازم: فسمع النعمان بن أبي عياش ـ وأنا اُحدّثهم ـ هذا الحديث فقال: هكذا سمعت سهلاً يقول؟ قال: فقلت: نعم. قال: أشهد على أبي سعيد الخدري سمعته يزيد: إنّهم من اُمّتي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي»(1).
قال:
«وروى الحميدي، في الجمع بين الصحيحين، من المتّفق عليه، في الحديث الستين، من مسند عبدالله بن عباس قال: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ألا وإنّه سيجاء برجال من اُمّتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلمّا توفّيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كلّ شيء شهيد* إنْ تعذّبهم فإنّهم عبادك) فيقال لي: فإنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم»(2).
وفي الجمع بين الصّحيحين أيضاً، في الحديث السابع والستّين بعد المأتين من المتّفق عليه، في مسند أبي هريرة، من عدّة طرق، قال قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: بينا أنا قائم، إذا زمرة، حتّى إذا عرفتهم، خرج رجل بيني وبينهم فقال: هلمّوا، فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم»(3).
وقال الشيخ الصدوق رحمه الله:
«اعتقادنا في الحوض:
إنّه حقّ، وأنّ عرضه مابين أيلة وصنعاء، وهو للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأنّ فيه من الأباريق عدد نجوم السماء، وأنّ الساقي عليه أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب، يسقي منه أوليائه ويذود عنه أعدائه، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً. وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: ليختلج قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض فيؤخذ بهم ذات الشمال، فاُنادي يا رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك»(4).
وفي تفسير الشيخ عليّ بن إبراهيم القمي، في قوله تعالى: (يا أيّها الرسول بلّغ ما اُنزل إليك…):
«قال: نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجّة الوداع، وحجّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حجّة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة، وكان من قوله بمنى أن حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:
أيّها الناس إسمعوا قولي فاعقلوه عنّي، فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا.
ثمّ قال: هل تعلمون أيّ يوم أعظم حرمة؟
قال النّاس: هذا اليوم.
قال: فأيّ شهر؟
قال النّاس: شهرنا هذا.
قال: وأيّ بلد أعظم حرمة؟
قالوا: بلدنا هذا.
قال: فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربّكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلّغت أيّها النّاس؟
قالوا: نعم.
قال: اللّهمّ اشهد.
ثمّ قال: ألا وكلّ مأثرة أو بدع كانت في الجاهليّة، أو دم أو مال فهو تحت قدميّ هاتين، ليس أحد أكرم من أحد إلاّ بالتقوى، ألا هل بلّغت؟
قالوا: نعم.
قال: اللّهمّ اشهد.
ثمّ قال: ألا وكلّ ربا في الجاهليّة فهو موضوع، وأوّل موضوع منه ربا للعبّاس بن عبدالمطّلب، ألا وكلّ دم كان في الجاهليّة فهو موضوع وأوّل دم موضوع منه دم ربيعة، ألا هل بلّغت؟
قالوا: نعم.
قال: اللّهمّ اشهد.
ثمّ قال: ألا، وإنّ الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه ولكنّه راض بما تحتقرون من أعمالكم، ألا وإنّه إذا اُطيع فقد عبد، ألا أيّها النّاس، إنّ المسلم أخو المسلم حقّاً، ولا يحلّ لامرء مسلم دم امرئ مسلم وماله إلاّ ما أعطى بطيبة نفس منه، وإنّي اُمرت أن اُقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلاّ الله، فإذا قالوها فقد عصموا منّي دماءهم وأموالهم لابحقّها وحسابهم على الله، ألا هل بلّغت أيّها النّاس؟
قالوا: نعم.
قال: اللّهمّ اشهد.
ثمّ قال: أيّها النّاس، إحفظوا قولي لتنتفعوا به بعدي وافهموه تنتعشوا، ألا لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا، فإن أنتم فعلتم ذلك ولتفعلنّ، لتجدوني في كثيبة بين جبرئيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف، ثمّ التفت عن يمينه فسكت ساعة ثمّ قال: إن شاء الله أو عليّ بن أبي طالب.
ثمّ قال: ألا وإنّي قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بها لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا، ومن خالفهما فقد هلك، ألا هل بلّغت؟
قالوا: نعم.
قال: اللّهمّ اشهد.
ثمّ قال: ألا، والله سيرد على الحوض منكم رجال فيدّعون عنّي، فأقول ربّ أصحابي، فيقال: يا محمّد إنّهم قد أحدثوا بعدك وغيّروا سنّتك، فأقول: سحقاً سحقاً…»(5).
(1) نهج الحق وكشف الصدق: 314.
(2) نهج الحق وكشف الصدق: 314.
(3) نهج الحق وكشف الصدق: 314.
(4) الاعتقادات: 65/20.
(5) تفسير القمي1 : 172.