تكلّم الشافعي فيه لقدحه في عكرمة وروايته عنه!
ومن دلائل ضلال مالك ومتابعته للهوى: قدحه في عكرمة البربري وروايته عنه في كتابه! الأمر الذي حمل الشافعي على الطعن فيه، وذلك ما حكاه الفخر الرازي في (مناقب الشافعي) حيث قال في عداد اعتراضات الشافعي على مالك:
«ومنها: أخبرنا مالك، عن أبي الزبير، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عبّاس أنّه: سئل عن رجل واقع أهله وهو محرم بمنى قبل أنْ يفيض، فأمره أن ينحر بدنة. قال الشافعي: وبه نأخذ. وقال مالك: عليه عمرة وحجّة تامّة وبدنة، ورواه عن ربيعة ، وعن ثور بن زيد عن عكرمة يظنّه عن ابن عبّاس، فإن كان قد ترك قول ابن عبّاس لرأي ربيعة فهو خطأ، وإنْ ترك لرأي عكرمة فهو يسيء القول في عكرمة، ولا يرى لأحد أنْ يقبل حديثه وهو يروي بيقين عن عطاء عن ابن عبّاس خلافه، وعطاء ثقة عنده وعند الناس.
قال الشافعي: والعجب أنّه يقول في عكرمة ما يقول ثمّ يحتاج إلى شيء من علمه يوافق قوله، فيسمّيه مرّة ويسكت عنه اُخرى، ويروي عن ثور بن زيد عن ابن عبّاس في الرضاع وذبائح نصارى العرب وغيره ويسكت عن ذكر عكرمة، وإنّما يحدّثه ثور عن عكرمة، وهذا من الاُمور التي ينبغي لأهل العلم أنْ يتحفّظوا فيها».
وعلى الجملة، فإنّ قدحه في عكرمة والرواية عنه مع ذلك! يوجب الطعن فيه، وهذا ما نصّ عليه الفخر الرازي أيضاً على تقدير صحّته إذ قال: «وأمّا الإعتراض الثاني وهو: إنّ مالكاً كان إذا احتاج إلى التمسّك بقول عكرمة ذكره وإذا لم يحتج إليه تركه، فهذا إنْ صحّ من مالك أورث ذلك طعناً في روايته وفي ديانته، ولو كان الأمر كذلك، فكيف جاز للشافعي أنْ يتمسّك بروايات مالك؟ وكيف يجوز أنْ يقول: إذا ذكرت الأئمّة فمالك النجم؟».
لكنّ المقدّم ـ وهو قدح مالك في عكرمة وروايته عنه ـ ثابت بنقل الرازي نفسه عن الشافعي، فالتالي ـ وهو إيراث ذلك الطعن في روايته وديانته ـ ثابت… وتشكيك الرازي باطل مردود، وإلاّ لتوجّه الطعن إلى الشافعي، وقد وضع الرازي كتابه للإشادة بفضله وترجيح مذهبه على المذاهب وإقامة الحجّة على ذلك كقوله:
Menu