تكلّم أحمد في أبي حنيفة
وأحمد بن حنبل أيضاً تكلّم في أبي حنيفة، وأوضح ذلك البيهقي، قال الرازي في الثناء على الشافعي:
«الحجّة الثالثة: إنّ أكابر علماء الحديث أقرّوا له بالفضل والقوّة في هذا العلم. روي أنّ أحمد بن حنبل سئل: هل كان الشافعي صاحب حديث؟ فقال: إي والله كان صاحب حديث، وكرّرها ثلاثاً.
وروينا أنّه سمع الموطأ عليه وقال: إنّه ثبت فيه.
وسئل أحمد بن حنبل عن مالك فقال: حديث صحيح ورأي ضعيف.
وسئل عن الأوزاعي فقال كذلك.
وسئل عن الشافعي فقال: حديث صحيح ورأي قويّ.
وسئل عن أبي فلان، فقال: لا رأي ولا حديث.
قال البيهقي: وإنّما قال أحمد عن مالك ذلك، لأنّه كان يترك الحديث الصحيح لعمل أهل المدينة.
وإنّما قال عن الأوزاعي ذلك، لأنّه كان يحتجّ بالمقاطيع والمراسيل في بعض المسائل ثمّ يقيس عليها.
وإنّما قال في الشافعي ذلك; لأنّه كان لا يرى الاحتجاج إلاّ بالحديث الصحيح ثمّ يقيس الفروع عليها.
وإنّما قال في أبي فلان ذلك، لأنّه كان يقبل المجاهيل والمقاطيع والمراسيل وما وقع إليه من حديث بلده وإن كان ضعيفاً يترك القياس لأجله، وما رفع إليه من أحاديث سائر البلاد وإن كان صحيحاً لم يقبله بل عدل إلى الاستحسان والقياس».
Menu