تركه للجمعة والجماعة وهو خروج من الإيمان
ومن ذلك: ما ذكروا من أنّ مالكاً لم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة، وقد جاء هذا في غير واحد من الكتب:
قال ابن قتيبة: «قال الواقدي: كان مالك يأتي المسجد ويشهد الصلاة والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد ويجمع أصحابه، ثمّ ترك الجلوس في المسجد، وكان يصلّي ثمّ ينصرف إلى منزله، وترك حضور الجنائز فكان يأتي أصحابها ويعزّيهم، ثمّ ترك ذلك كلّه فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة ولا يأتي أحداً يعزّيه ولا يقضي له حقّاً، واحتمل الناس له ذلك حتّى مات عليه، وكان ربّما كلّم في ذلك فيقول: ليس كلّ الناس يقدر أن يتكلّم بعذره»(1).
وقال الغزّالي: «قيل: كان مالك بن أنس يشهد الجنازة ويعود المرضى ويعطي الإخوان حقوقهم، فترك ذلك واحداً واحداً حتّى تركها كلّها، وكان يقول: لايتهيّأ للمرء أن يخبر بكلّ عذر له…»(2).
وقال ابن خلّكان: «قال الواقدي: كان مالك يأتي المسجد، ويشهد الصلوات والجمعة والجنائز، ويعود المرضى ويقضي الحقوق، ويجلس في المسجد ويجتمع إليه أصحابه، ثمّ ترك الجلوس في المسجد، فكان يصلّي وينصرف إلى مجلسه، وترك حضور الجنائز فكان يأتي أهلها فيعزّيهم، ثمّ ترك ذلك كلّه فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة ولا يأتي أحداً يعزّيه ولا يقضي له حقّاً، واحتمل الناس له ذلك حتّى مات عليه. وكان ربّما قيل له في ذلك فيقول: ليس كلّ الناس يقدر أن يتكلّم بعذره»(3).
هذا، وقد ذكر يوسف الأعور الواسطي في مطاعنه على الإماميّة: «ومنها: تسمية أنفسهم مؤمنين، ومن أين جاءهم الإيمان ولم يكن عندهم شيء من شروطه، الأوّل: قوله تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) وهم تاركون لمسجد الجمعة».
(1) كتاب المعارف: 498 ـ 499.
(2) إحياء علوم الدين 2: 222 كتاب العزلة.
(3) وفيات الأعيان 4: 136.