ترجمة ابن معين
وكما يفهم من هذا الكلام شدّة ورعه وقوّة علمه، كذلك تجد التصريحات بحقّه من سائر العلماء الأعلام:
قال النووي:
«هو إمام الحديث في زمانه والمعوَّل عليه فيه…
روى عنه: أحمد بن حنبل وزهير بن حرب ومحمّد بن يحيى الذهلي ومحمّد بن سعد وأبو زرعة الرازي والدمشقي وأبو حاتم والبخاري ومسلم وأبو داود… وخلائق لا يحصون.
وأجمعوا على إمامته وتوثيقه وحفظه وجلالته وتقدّمه في هذا الشأن واضطلاعه فيه.
قال الخطيب: كان إماماً ربّانيّاً عالماً حافظاً ثبتاً متقناً.
قال أحمد بن حنبل: السماع من يحيى بن معين شفاء لما في الصدور.
وقال علي بن المديني: ما رأيت في الناس مثله.
وقال أحمد بن حنبل: يحيى بن معين رجل خلقه الله لهذا الشأن، يظهر كذب الكذّابين، وكلّ حديث لا يعرفه يحيى ليس بحديث.
وقال عباس الدوري: رأيت أحمد بن حنبل في مجلس روح بن عبادة يسأل يحيى بن معين عن أشياء، يقول له: يا أبازكريا، كيف حديث كذا وكذا؟ كيف حديث كذا وكذا؟ يستثبته في أحاديث سمعوها، فكلّ ما قال يحيى كتبه أحمد.
وقال هارون بن بشير الرازي: رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعاً يده يقول: اللّهمّ إن كنت تكلّمت في رجل ليس هو عندي كذّاباً فلا تغفر لي.
وقال يحيى: لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما علّقناه.
وروينا عن أحمد بن عقبة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث. قال ابن عقبة: وأظنّ المحدّثين كتبوا له ستمائة ألف وستمائة ألف.
وقال محمّد بن عبدالله: خلّف يحيى من الكتب مائة قمطراً وأربعة عشر قمطراً وأربعة حباب مملوءة كتباً.
وقال علي بن المديني: ما أعلم أحداً كتب من الحديث ما كتب يحيى ابن معين…
وذكر ابن أبي حاتم ـ في أوّل كتابه الجرح والتعديل ـ بإسناده عن أبي عبيد القاسم بن سلاّم قال: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ـ وهو أكتبهم ـ وعلي بن المديني وأبي بكر ابن أبي شيبة…
وأحواله وفضائله ـ رضي الله عنه ـ غير منحصرة. واتفقوا على أنّه توفّي بمدينة رسول الله وغسّل على السرير الذي غسّل عليه رسول الله، وحمل على السرير الذي حمل عليه رسول الله. ونودي عليه: هذه جنازة يحيى بن معين ذابّ الكذب عن رسول الله، والناس يبكون، واجتمعوا في جنازته خلق لا يحصون، ودفن بالبقيع»(1).
وقال السمعاني:
«كان إماماً ربانيّاً عالماً حافظاً ثبتاً متقناً مرجوعاً إليه في الجرح والتعديل…
روى عنه من رفقائه: أحمد بن حنبل وأبو خيثمة ومحمّد بن إسحاق الصّغاني ومحمّد بن إسماعيل البخاري وأبو داود السجستاني وعبدالله بن أحمد بن حنبل وغيرهم.
وانتهى علمُ العلماء إليه حتّى قال أحمد بن حنبل: هاهنا رجل خلقه الله لهذا الشأن، يظهر كذب الكذّابين ـ يعني: يحيى بن معين.
وقال علي بن المديني: لا نعلم أحداً من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين.
قال أبو حاتم الرازي: إذا رأيت البغدادي يحبّ أحمد بن حنبل فاعلم أنّه صاحب سنّة، وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين فاعلم أنّه كذّاب.
… مات لسبع ليال بقين من ذي الحجّة سنة 233»(2).
وقال الذهبي:
«هو الإمام الحافظ الجهبذ شيخ المحدّثين… أحد الأعلام…
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن يحيى فقال: إمام.
وقال النسائي: أبو زكريا أحد الأئمّة في الحديث ثقة مأمون.
وقال محمّد بن هارون الفلاّس: إذا رأيت الرجل يقع في يحيى بن معين فاعلم أنّه كذّاب يصنع الحديث، وإنّما يبغضه لما يبيّن من أمر الكذّابين.
قال حنبل: سمعت أبا عبدالله يقول: كان أعلمنا بالرجال يحيى بن معين…»(3).
هذا، وتوجد ترجمة يحيى بن معين في الكتب التالية أيضاً:
1 ـ الطبقات الكبرى 7: 354.
2 ـ تاريخ بغداد 14: 177.
3 ـ وفيات الأعيان 6: 139.
4 ـ تهذيب الكمال 31: 543.
5 ـ تذكرة الحفّاظ 2: 429.
6 ـ تهذيب التهذيب 11: 280.
7 ـ النجوم الزاهرة 2: 273.
(1) تهذيب الأسماء واللغات 2/156 ـ 159.
(2) الأنساب 5: 154.
(3) سير أعلام النبلاء 11: 71 ـ 96.