الوجه الأوّل
عن كتاب سليم بن قيس الهلالي، أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «ليجيئنّ قوم من أصحابي…»(1) وهذا اللفظ آب عن التطبيق على أهل الردّة، لأنّ المراد من «الأصحاب» إمّا المعنى اللغوي، المفهوم عند العرف العام وهو المصاحب الملازم، أو المعنى الشرعي المشروط بالموت على الإسلام.
أمّا بالمعنى الأوّل فلا يصحّ إطلاقه على أهل الردّة، لأنّهم كانوا من أهل الخلاف والشقاق ومن أرباب العداوة والنفاق، وما كانوا يجالسون رسول الله فضلاً عن أن يصاحبوه، بل كانوا يكيدون له المكائد، وقد قصدوا قتله غير مرّة، كما في مفتريات الإماميّة، ففي تفسير العيّاشي عن عبدالصمد بن بشير عن الصادق عليه السلام: «قال: تدرون مات النبي صلّى الله عليه وآله أو قتل؟ إنّ الله يقول (أَفإن ماتَ أوْ قُتلَ انقلبْتم عَلى أَعْقابِكُم) فسمّ قبل الموت، أنهما سقتاه قبل الموت.
فقلنا: إنّهما وأبوهما شرّ من خلق الله.
وعن الحسين بن المنذر، قال:
«سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله (أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) القتل أم الموت؟ فقال: يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا»(2).
وكما يروونه في قضيّة العقبة عند عودته صلّى الله عليه وآله وسلّم من تبوك، كرواية الطبرسي إذ قال:
«وفي كتاب دلائل النبوة للشيخ أبي بكر أحمد البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ ـ وذكر الإسناد مرفوعاً إلى أبي الأسود ـ عن عروة قال: لمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله قافلاً من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان ببعض الطريق، مكر به ناس من أصحابه، فتآمروا أن يطرحوه من عقبة في الطريق أرادوا آنْ يسلكوها معه، فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وآله خبرهم فقال: من شاء منكم أنّ يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم.
فأخذ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي، إلاّ النفر الذين أرادوا المكر به، استعدّوا وتلثّموا، وأمر رسول الله حذيفة بن اليمان وعمّار بن ياسر، فمشيا معه مشياً، وأمر عمّاراً أنْ يأخذ بزمام الناقة وأخذ حذيفة يسوقها، فبيناهم يسيرون إذ سمعوا ركزة القوم من ورائهم قد غشوه، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وأمر حذيفة أنْ يردّهم، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم وضربها ضرباً بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلمّثون، فرعّبهم الله حين أبصروا حذيفة، وظنّوا أنّ مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله، فلمّا أدركه قال: إضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمّار.
فأسرعوا وخرجوا من العقبة ينتظرون الناس، فقال النبي: يا حذيفة، هل عرفت من هؤلاء الرهط ـ أو الركب ـ أحداً؟ فقال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وكانت ظلمة الليل غشيتهم وهم متلثّمون. فقال صلّى الله عليه وآله: هل علمتم ما شأن الركب وما أرادوا؟ فقالا: لا يا رسول الله. قال: فإنّهم مكروا ليسيروا معي، حتى إذا أظلمّت بي العقبة طرحوني منها. قالا: أفلا تأمر بهم ـ يا رسول الله ـ إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟ قال: أكره أنْ يتحدّث الناس ويقولون: إن محمداً قد وضع يده في أصحابه. فسمّاهم لهما وقال: اكتماهم.
وفي كتاب أبان بن عثمان: قال الأعمش: وكانوا اثني عشر، سبعة من قريش»(3).
ورواية شيخ مشايخهم الصدوق بالإسناد:
«عن حذيفة بن اليمان أنه قال: الذين نفروا برسول الله ناقته في منصرفه من تبوك أربعة عشر: أبو الشرور، وأبو الدواهي، وأبو المعازف، وأبوه، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وأبو الأعور، والمغيرة، وسالم مولى أبي حذيفة، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، وعبدالرحمن بن عوف. وهم الذين أنزل الله عزّ وجلّ فيهم (وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ)»(4).
وما في تفسير الإمام الحسن العسكري وغيره من كتبهم، ممّا أورده صاحب البحار، وترجمه إلى الفارسيّة في كتابه حياة القلوب.
وعلى الجملة، فإنّ الحديث المذكور لا يشمل هؤلاء، بناءً على الاُصول الموضوعة عند الإماميّة.
وأمّا بالمعنى الثاني، فمن البديهي أيضاً أن لا يكون المقصود هم الأصحاب بالمعنى الثاني، فإنّه غير صادق على المرتدّين الذين حرّقوا بيت بنت سيّد المرسلين، وحرّقوا آيات القرآن المبين، وبدّلوا شعائر الدين وسلكوا مسلك إبليس اللّعين.
وإذا كان «الأصحاب» في الحديث لا يراد منهم المعنى الأوّل ولا المعنى الثاني، فلا محالة يكون المراد من «الأصحاب» الجماعة المتّصفون بالإحداث، وهم المشهورون عند الإماميّة بالمناقب والمحامد، مثل صدّيق الإماميّة أعني أباذر، وأخوهم الأكبر أعني سلمان المحمّدي، وعمّار، وحذيفة، وابن مسعود، وخزيمة ذي الشهادتين، وعامر بن واثلة، وسعد بن عبادة، والعبّاس عمّ أشرف الناس صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبنائه…
فهؤلاء هم المقصودون بالحديث، لا الذين توهّم المجلسي وأمثاله.
نقد الوجه الأوّل
إنّ حصر مفهوم «الأصحاب» في المعنيين المذكورين هو: إمّا على اُصول الإماميّة، وإمّا على اُصول جمهور العامّة.
فإن كان على اُصول الإماميّة، فما الدليل على قولهم بذلك؟ إنّهم لا يقولون بانحصار معنى هذه الكلمة في المعنيين، بل إنّ كلمة «الصاحب» لا تدلّ إطلاقاً على مدح أبداً، وهذا هو العمدة، ولذا صحّ إطلاقها عندهم على أهل الردّة وسائر أهل النّار من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومن هنا تراهم يناقشون في دلالة آية الغار على حسن حال أبي بكر من جهة وصفه بـ«الصاحب»، وقد أخذوا ذلك من المعصوم عليه السلام كما في بعض الأخبار(5).
وإنْ كان دعوى حصر مفهوم «الصاحب» في المعنيين بناءً على اُصول أهل السنّة، فذكر مبناهم أمام الإماميّة في مقام الإلزام دليل على قلّة الفهم!! فإنّه إذا كانت الكلمة منحصرةً في المعنيين، ولا شيء منهما بصادق على الشيخين، فما الملزم للإماميّة بأنْ لا يقولوا بانطباق الحديث عليهما؟
وعلى الجملة، فإنّ الإماميّة لا يرون انحصار معنى الكلمة في المعنيين المزبورين، فلا يكون حديث الحوض آبياً عن الإنطباق على الخلفاء وعلى المرتدّين، بل يصدق على هؤلاء وهؤلاء ويطابق أحوالهم جميعاً، والمراد من «الإصحاب» هنا مطلق المصاحبين، ولا دلالة لمجرّد الصحبة على الشرف والفضيلة الدينيّة… فإنّ كلّ من كان يصاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويجالسه في الظاهر يصدق عليه عنوان «الصاحب»; كافراً كان أو مسلماً، مؤمناً كان أو منافقاً، معادياً كان أو مخلصاً، فلا منافاة بين «الصحبة» و«الردة»، ولا منافاة بين «الصحبة» و«المكر والخديعة والدسيسة لقتل رسول الله» في «العقبة» وغيرها.
ثمّ إنّ ما زعمه من كون الأخبار في سعي القوم في قتل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ولاسيّما قصّة «العقبة» ـ أخباراً مفتريات، فالأصل فيه قولهم بأنّ الخلفاء وأتباعهم كانوا من الصحابة المخلصين لرسول الله، الواصلين إلى أقصى مدارج الإيمان والتقوى والعرفان، ممّا هو أوّل الكلام عند الإماميّة، ومن الطبيعي أنْ لا يقول الخصم بصحّة ما يدلّ على بطلان مذهبه!!
الوجه الثاني
إنّ حديث الحوض يشتمل على قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يا رب أصحابي» مرّةً أو مرّتين، وهذا ظاهر في الشفاعة لهم، ومن الواضح أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم سوف لا يشفع في القيامة للظالمين والغاصبين والكفرة والمرتدّين، فلا يعمّ حديث الحوض أهل السّقيفة وأتباعهم.
نقد هذا الوجه
ويرد عليه بعد التسليم بدلالة ذلك على الشفاعة، إنّ الشّفاعة الممنوعة في حقّ الظالمين والغاصبين والمرتدّين، هي الشفاعة التي ترتجى فيها الإجابة، والغرض منها تخليص المشفوع له من العذاب وإنقاذه من الهلكة، وهكذا شفاعة في حقّ أصحاب حديث الحوض غير ثابتة، بل الشفاعة ـ المفروض صدورها منه صلّى الله عليه وآله في حقّ هؤلاء ـ الغرض منها تفضيحهم على رؤس الأشهاد وإظهار شناعة حالهم لأهل القيامة والمعاد.
إنّ من له أدنى إلمام بالأحاديث النبويّة وأقلّ تأمّل في الآيات القرآنيّة، ليعلم بأنّ الأنبياء والأوصياء قد تصدر منهم اُمور توهم عدم إطّلاعهم على الاُمور الواقعيّة والحقائق كما هي، لكنّ الغرض من ذلك شيء آخر، ويترتّب عليه مصلحة عظمى، كما في سؤال موسى عليه السلام من الله أن ينظر إليه، فإنّه كان يعلم باستحالة ذلك، لكنّه أراد أن يسمع النّاس الإستحالة من الله، كما قال السيّد المرتضى في كتاب (تنزيه الأنبياء) إذ جاء فيه الكلام على قوله تعالى: (ولمّا جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه قال ربّ أرني أنظر إليك) قال:
«أولى ما اُجيب به عن هذه الآية أنْ يكون موسى عليه السلام لم يسأل الرؤية لنفسه وإنّما سألها لقومه، فقد روي أن قومه طلبوا ذلك منه، فأجابهم بأنّ الرؤية لا تجوز عليه تعالى، فلجّوا به وألحّوا عليه في أن يسأل الله تعالى أن يريهم نفسه، وغلب في ظنّه أنّ الجواب إذا ورد من جهته جلّت عظمته كانت أحسم للشبهة وأنفى لها، واختار السبعين الذين حضروا الميقات ليكون المسألة بمحضر منهم فيعرفوا ما يرد من الجواب، فسأله عليه السلام على ما نطق به القرآن، واُجيب بما يدلّ على أنّ الرؤية لا تجوز عليه عزّوجلّ»(6).
وكما في قول الله عزّ وجلّ لإبراهيم عليه السلام ـ لمّا طلب منه أن يريه كيف يحيي الموتى ـ: (أولم تؤمن) مع أنّه عليه السلام كان أفضل أهل الإيمان، والله أعلم بحاله، لكنّ الغرض من طلبه، ومن سؤاله تعالى منه عن إيمانه، شيء آخر اُريد بيانه للناس، وقد نبّه على ذلك المفسّرون بتفسير الآية المباركة… قال البيضاوي:
«قال له ذلك وقد علم أنّه أعرق الناس في الإيمان، ليجيب بما أجاب فيعلم السامعون غرضه»(7).
هذا، وإنّ بعض ألفاظ حديث الحوض ظاهر فيما ذكرناه، ومن ذلك: ما أخرجه مسلم:
«حدّثنا يونس بن عبدالأعلى الصّدفي: أخبرنا عبدالله بن وهب، أخبرني عمرو ـ وهو ابن الحارث ـ إنّ بكيراً حدّثه عن القاسم بن عبّاس الهاشمي، عن عبدالله بن رافع مولى اُمّ سلمة عن اُمّ سلمة زوج النبي أنّها قالت: كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا كان يوماً من ذلك والجارية تمشّطني، فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: أيّها الناس، فقلت للجارية: استأخري عنّي، قالت: إنّما دعا الرجال ولم يدع النساء، فقلت: إنّي من الناس، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّي لكم فرط على الحوض، فإيّاي لا يأتينّ أحدكم فيذبّ عنّي كما يذبّ البعير الضالّ، فأقول: فبم هذا؟ فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً»(8).
فإنّ السؤال في هذا الحديث غير محمول على الإستفهام الحقيقي قطعاً، وإنّما يحمل على إظهار إحداث القوم من بعده، وأنّ ذلك سبب ذودهم عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم، وذلك:
أوّلاً: لأنّ ذبَّ القوم عن رسول الله وسوقهم إلى جهنّم يكون بأمر من الله تعالى، فلا وجه لسؤاله عن السبب إلاّ تفضيح القوم وهتك أستارهم.
وثانياً: لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان على علم بسبب ذود القوم عنه، كما هو مفاد هذا الحديث أيضاً، فلا يكون سؤاله عن السبب إلاّ لمصلحة، وإلاّ لزم اللّغو، وتلك المصلحة ليست إلاّ إظهار ارتداد القوم وإحداثهم الموجب للدخول في النار.
وعلى هذا أيضاً يحمل قوله ـ في بعض الألفاظ ـ «أصحابي أصحابي».
وممّا يشهد بما ذكرناه ـ من عدم استحقاق القوم للشفاعة الحقيقيّة، وأنّ قول رسول الله ذلك إنّما هو لتفضيحهم في يوم القيامة ـ أخبارٌ مرويّة في كتب أهل السنّة:
منها: ما رواه السمهودي في (جواهر العقدين) قال:
«أخبرني الشيخ الإمام العلاّمة المحقق شيخ المالكيّة في زمنها شهاب الدين أحمد بن يونس القسطنطيني المغربي، نزيل الحرمين الشريفين ـ في مجاورته بالمدينة النبويّة سنة خمس وسبعين وثمانمأة ـ أنّ بعض مشائخه الأثبات ممّن يثق به أخبره: أنّ شخصاً من أعيان المغاربة عزم على التوجّه من بلاده إلى الحجّ قال: فأحضر إليه شخص من أهل الثروة مبلغاً ـ أظنّه قال إنّه مائة دينار ـ وقال له: إذا وصلت إلى المدينة النبويّة، فاسأل عن شخص من الأشراف يكون صحيح النسب فتدفع إليه ذلك، عسى أن يكون لي بذلك وصلة بجدّه صلّى الله عليه وسلّم.
قال: فلمّا رجع إليهم ذلك المغربي أخبر: أنّه قدم المدينة وسأل عن أشرافها.
فقيل: إنّ نسبهم صحيح غير أنّهم من الشيعة الذين يسبّون.
قال: فكرهت دفع ذلك لأحد منهم.
قال: ثمّ جلس إلى واحد منهم وقال: جلست إليه فسألت عن مذهبه.
فقال: شيعي.
فقلت له: لو كنت من أهل السنّة لدفعت إليك مبلغاً عندي.
قال: فشكى فاقة وشدّة حاجة، يسألني شيئاً منه.
فقلت له: لا سبيل إلى أن أعطيك شيئاً منه. فذهب عنّي.
قال: فلمّا نمت تلك الليلة، رأيت أنّ القيامة قامت والناس يجوزون على الصراط، فأردت أن أجوز، فأمرت فاطمة رضي الله عنها بمنعي، فصرت أستغيث فلا أجد مغيثاً، حتّى أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستغثت به وقلت:
يا رسول الله، فاطمة تمنعني الجواز على الصراط.
فالتفت إليها صلّى الله عليه وسلّم وقال: لم منعت هذا؟
فقالت: لأنّه منع ولدي رزقه.
قال: فالتفت وقال: قد قالت إنّك منعت ولدها رزقه؟
فقلت: والله يا رسول الله، ما منعته إلاّ أنّه يسبّ الشيخين رضي الله عنهما!
فالتفتت فاطمة رضي الله عنها إلى الشيخين وقالت لهما: أتؤاخذان ولدي بذلك؟
فقالا: لا بل سامحناه بذلك.
قال: فالتفتت إليّ وقالت: فما أدخلك بين ولدي وبين الشيخين؟
فانتبهت فزعاً، فأخذت المبلغ وجئت به إلى ذلك الشريف فدفعت له…»(9).
وذكر أبوالعبّاس القرطبي في (شرح صحيح مسلم) بشرح حديث صلاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على عبدالله بن أبي سلول: أنّ الاستغفار على قسمين، فمنه حقيقي، ومنه غير حقيقي وإنّما يكون لغرض آخر، قال:
«وقوله عليه السلام: إنّي خيّرت، مشكل، مع قوله تعالى: (ما كان للنبيّ والذين آمنوا أنْ يستغفروا للمشركين ولو كانوا اُولي قربى) الآية، نزلت بعد موت أبي طالب حين قال عليه السلام: والله لأستغفرنّ لك ما لم اُنه عنك، وهذا يفهم منه النهي عن الإستغفار لمن مات كافراً، وهو متقدّم على الآية التي فهم منها التخيير.
والجواب عن الإشكال: إنّ المنهي عنه في هذه الآية استغفار مرجوّ الإجابة، حتّى يكون مقصوده تحصيل المغفرة لهم كما فعل بأبي طالب، فإنّه إنّما استغفر له كما استغفر إبراهيم لأبيه على جهة أن يجيبهما الله فيغفر للمدعوّ لهما، وفي هذا الإستغفار استأذن النبي صلّى الله عليه وسلّم ربّه في أن يأذن له فيه لاُمّه فلم يؤذن له فيه، فهذا النوع هو الذي تناوله منع الله تعالى ونهيه.
وأمّا الاستغفار لأولئك المنافقين الذين خيّر فيه استغفار لساني، علم النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه لايقع ولا ينفع وغايته لو وقع تطييب قلوب بعض الأحياء من قرابات المستغفر لهم، فانفصل المنهي عنه من المخيّر فيه وارتفع الإشكال والحمد لله»(10).
وقوله: إنّه لو كان أهل السقيفة وأتباعهم كفّاراً مخلَّدين في النّار، فلا يشفعُ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لهم، لعدم جواز الشفاعة للكفّار، لكنّه سيشفع لهم، فليسوا بكفّار…
كلامٌ ساقط، إذ قد عرفت أنّ الحديث لو دلَّ على الشفاعة فالغرض منها تفضيح القوم لا الشفاعة الواقعيّة.
على أنّ هذا الكلام يدلُّ على جهل هذا القائل بروايات قومه، الصّريحة في شفاعة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم للكفّار يوم القيامة، إلاّ أنّها لا تقبل:
«أخرج ابن مردويه عن عبدالرحمن بن ميمون : إنّ كعباً رضي الله عنه دخل يوماً على عمر بن الخطّاب، فقال له عمر: حدّثني إلى ما ينتهي شفاعة محمّد صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة، فقال كعب رضي الله عنه: قد أخبرك الله في القرآن إنّ الله يقول: (ما سلككم في سقر) إلى قوله (المصلّين) قال كعب رضي الله عنه: فيشفع يومئذ حتّى يبلغ من لم يصلّ صلاةً قط، ولم يطعم مسكيناً قط، ولم يؤمن ببعث قط، فإذا بلغت هؤلاء لم يبق أحد فيه خير»(11).
وكذلك رووا عن سائر الأنبياء… ففي البخاري:
«عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصيني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول: يا رب، إنّك وعدتني أنْ لا تخزيني يوم يبعثون؟ فأيّ خزي أخزى من أبي الأبعد، فيقول الله: إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين»(12).
وإذا كان القوم يروون في صحاحهم مثل هذا الحديث الدالّ على شفاعة النبي لكافر حقيقي بزعمهم، ولابدّ وأن يكون لمصلحة، فأيّ مانع من أن يشفع لأصحابه بقوله «أصحابي أصحابي» لمصلحة تقتضي ذلك؟
على أنّ غير واحد من أعلام القوم قالوا ـ في مقام الجواب عن استدلال أصحابنا بحديث الحوض على سوء حال الصحابة في الآخرة ـ بأنّ حديث الحوض وارد بحقّ الكفّار والمرتدّين، فإذا كان يدلّ على الشفاعة، فستكون للكفّار والمرتدّين… فكيف يقال بأنّها محرّمة في حقّ الكفّار والمرتدّين؟
والحاصل: إنّ هذه الشفاعة إن كانت حقيقيّة فلا تكون للكفّار وأهل الردّة، وإنْ كانت ظاهريّة ـ ولمصلحة اُخرى ـ فلا يأبى حديث الحوض عن الشمول لأهل السقيفة وأنصارهم…
الوجه الثالث
إنّ تصغير لفظ «أصحابي» ـ كما ورد في كتاب سليم وبعض كتب الإماميّة ـ لمّا لم يكن من أجل تقليل عدد الأصحاب يقيناً، فالمراد منه الإشفاق والإستعطاف، نظير قولهم: يا بُنيّ، وأمثاله… فالشيخان وأحزابهما يقعون في القيامة موقع الاستعطاف… فكيف يروي الإماميّة مثل هذا الحديث، ثمّ يقولون بخلود الشيخين وأتباعهما في النار؟
وإذا كانوا يروون عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ شفاعته لا تنال من آذى أهل بيته وذرّيّته… فإنّ مقتضى اللّفظ المذكور في حديث الحوض أنّ القوم لم يكونوا قد آذوا أهل بيته، فيبطل كلّ ما يروونه ويزعمونه في باب إيذاء الصحابة لأهل بيت النبي.
نقد الوجه الثالث
إنّ أساس هذا الوجه ورود لفظ «اُصيحابي» في رواية أصحابنا الإماميّة، وهذا افتراء محض، فاللّفظ المذكور غير وارد في شيء من رواياتنا، ودعوى وجوده في خبر كتاب سليم كاذبة، فنسخة كتاب سليم الموجودة عندنا ـ وهي نسخة قديمة جدّاً ـ هي بلفظ «أصحابي» وكذا الخبر في كتاب (البحار) نقلاً عن كتاب سليم… لكنّ القوم من عادتهم الكذب والإفتراء، وقد تقدّم في الكتاب التنبيه على موارد من هذا القبيل كثيرة.
وعلى فرض وجود لفظ «اُصيحابي» في روايات أهل الحق، فغاية ما يدّعى هو دلالة هذا اللّفظ على الشفقة والعطف من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالنسبة إلى القوم، فيكون مآل هذا الوجه إلى الوجه السابق، وقد عرفت أنْ لا مانع من ذلك، لكونه لمصلحة تفضيح القوم وظهور سوء حالهم وعدم شمول الشفاعة لهم.
هذا، وقد تكرّر من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تفضيح المشايخ على رؤس الأشهاد في الدنيا، وكان ذلك منه في مواطن عديدة معهم، من أشهرها قضيّة إبلاغ سورة براءة، هذه القضيّة التي رواها أئمّة القوم وكبار حفّاظهم أمثال:
الترمذي، وأحمد، وعبدالله بن أحمد، والطبري، والبغوي، والنيسابوري، والنسائي، والسهيلي، والثعلبي، والحاكم، وابن مردويه، وابن أبي شيبة، وابن حبّان، وعبدالرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي عوانة، والطبراني، والدارقطني، والبيهقي، وابن حجر العسقلاني، والقسطلاني، والعيني، وابن كثير… وغيرهم…
وهذا أحد ألفاظه كما أخرجه النسائي قال:
«أخبرنا العبّاس بن محمّد الدوري، قال: حدّثنا أبو نوح قراءةً، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن زيد بن بثيع، عن عليّ رضي الله عنه: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر، ثمّ أتبعه بعلي، فقال له: خذ الكتاب فامض به إلى مكة، قال: فلحقته فأخذت الكتاب منه، فانصرف أبوبكر ـ وهو كئيب ـ فقال: يا رسول الله، أنزل فيَّ شيء؟ قال: لا، إلاّ أنّي اُمرت أن اُبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي.
أخبرنا زكريّا بن يحيى قال: حدّثنا عبدالله بن عمر قال: حدّثنا أسباط، عن فطر، عن عبدالله بن شريك، عن عبدالله بن رقيم، عن سعد، قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبابكر ببراءة، حتّى إذا كان ببعض الطريق، أرسل عليّاً فأخذها منه، ثمّ سار بها، فوجد أبوبكر في نفسه فقال: قال رسول الله: إنّه لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي»(13).
وتلخص: أنْ لا منافاة بين إظهار الشفقة، وطلب الرحمة، لمصلحة الإعلان عن خسران القوم وخلودهم في العذاب الأليم… وما ذكره من أنّ الشفاعة لا تكون للمخلَّدين في الجحيم، مردود بما جاء في شرح الحديث من كتب أصحابه، فإنّهم لمّا ادّعوا أنّ المراد من حديث الحوض هم المرتدّون الذين حاربهم أبوبكر، نصّوا على موت هؤلاء المرتدّين على الكفر… قال ابن حجر:
«هم الذين ارتدّوا على عهد أبي بكر، فقاتلهم أبوبكر حتّى قتلوا وماتوا على الكفر»(14).
وقال الكرماني: «سحقاً، أي بعداً، وكرّر للتأكيد، وهو نصب على المصدر، وهذا مشعر بأنّهم مرتدّون عن الدين، لأنّه يشفع للعصاة ويهتمّ بأمرهم ولا يقول لهم مثل ذلك»(15).
الوجه الرابع
كلمة «لا تدري» ـ في حديث الحوض ـ نصٌّ في نفي علم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بإحداث الأصحاب في الدين من بعده، ولا أحد من المسلمين يجوّز الكذب على الله، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، لكنّ عدم علم النبي ينافي ما ثبت بالضرورة من مذهب الإماميّة من أنّه كان عالماً بأحوال الغاصبين ـ الكلّيّة والجزئيّة ـ وأنّه قد أخبر أهل بيته الطاهرين بجميع تلك الحقائق.
فلو كان المراد من «الأصحاب» في «حديث الحوض» هم «أهل السقيفة» عاد المحذور، واللاّزم باطل عند جميع المليّين، فالملزوم مثله.
والروايات الموضوعة في كتبهم لإثبات الدعوى المذكورة، كثيرة جدّاً.
نقد هذا الوجه
أوّلاً: مذهب الإماميّة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يعلم جميع ما في هذا العالم وأحوال أهله مطلقاً، وفي كتب أهل السنّة أيضاً تصريحاتٌ بهذا الإعتقاد.
ففي (حاشية شرح عقائد العضدي) للشيخ محسن الكشميري:
«واعلم أنّ المراد الرؤية في عالم التكليف، فلا يشكل بما روي أنّه عليه السلام رأى ليلة المعراج جميع الاُمّة في عالم الأرواح والمثال، ولا بأنّه صلّى الله عليه وسلّم في قبره حيّ يرى جميع الاُمّة»(16).
وفي (المواهب اللدنيّة):
«قد روى ابن المبارك عن سعيد بن المسيّب: ليس يوم إلاّ ويعرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم أعمال اُمّته غدوةً وعشيّةً، فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم، فلذلك يشهد عليهم»(17).
وفي (جامع مسانيد أبي حنيفة) بعد أنْ أورد ما حكاه الخطيب عن أحمد ابن الحسن الترمذي أنّه قال:
«رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المنام فقلت له: يا رسول الله، ما ترى ما فيه الناس من الإختلاف؟ قال: في أيّ شيء؟ قلت: فيما بين أبي حنيفة ومالك والشافعي. فقال: أمّا أبو حنيفة فلا أعرفه، وأمّا مالك فكتب العلم، وأمّا الشافعي فمنّي وإليّ».
قال الخوارزمي:
«صحّ في الحديث أنّه يعرض على رسول الله أعمال اُمّته يوم الإثنين والخميس فكيف لا يعرفه؟ وإنّه عليه السلام يعرف كلّ برٍّ وفاجر تعرض أعماله عليه، فكيف لا يعرف أبا حنيفة وأعمال أكثر اُمّته على مذهبه؟…»(18).
وثانياً: إنّ ما ذكره معارَض بأنّه إذا كان نفي علم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بارتداد القوم، دليلاً على عدم انطباق الحديث على أهل السقيفة وأصحابهم، فإنّه يكون دليلاً كذلك على عدم انطباقه على سلمان وأبي ذكر وعمّار وغيرهم أيضاً، لأنّ أعمال هؤلاء أيضاً معروضة عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم، فهو عالم بأحوالهم، فيلزم الكذب في «إنّك لا تدري».
بل إنّ مقتضى أحاديث عرض أعمال الاُمّة عليه، عدم انطباق حديث الحوض على أحد من أفرادها مطلقاً، وإلاّ لزم الكذب في حديث الحوض…
وثالثاً: إنّ الصحيح رفع اليد عن ظهور «لا تدري» في نفي العلم، وحمله على ظاهره غير صحيح قطعاً، لدلالة نفس حديث الحوض على علمه صلّى الله عليه وآله وسلّم بارتداد القوم من بعده; فلا يأخذ بظاهر كلمة «لا تدري» إلاّ الجاهل الغبي، أو المتعصّب المفتري!
ورابعاً: إنّ المعاني المحتملة في لفظ «لا تدري» في «حديث الحوض» عديدة:
منها: أنْ يكون الإستفهام في «إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» إنكاريّاً، أي: ألا تعلم بارتداد هؤلاء وما أحدثوا في الدين من بعدك؟ فهؤلاء لا يستحقّون الشفاعة منك، بل هم في العذاب خالدون.
ومنها: أنْ يكون المراد نفي درايته بحسب الظاهر، أي: إنّ ظواهر الأحوال تقتضي أنْ لا تعلم بما كان منهم، لخروجك من هذا العالم قبل وقوع تلك الاُمور.
ومنها: أنْ يكون المراد نفي الدراية بالإدراك الظاهري، أي: إنّك لم تر بعينك ما صنعوا، وإنْ كنت عالماً به بإعلام الله تعالى.
ومنها: أن يكون المراد سلب دراية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك بحسب معتقد بعض الحاضرين، كما عليه جماعة أهل السنّة المنكرين لعلم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالاُمور تفصيلاً، فيسلب دراية النبي بذلك حسب معتَقدهم تقبيحاً لهذا الإعتقاد.
ومنها: حمل سلب الدراية ونفي العلم على المبالغة، أي: إنّك تشفع لهؤلاء القوم وكأنّك لا تدري بأحوالهم من بعدك؟
ومنها: أنْ يكون المعنى: إنّك لا تدري كما ندري، إذ لا ريب في أنّ علم الله تعالى أوسع وأفضل من علم من سواه حتّى الأنبياء.
وبعد ورود هذه الإحتمالات كيف يكون الكلام نصّاً في جهل النبي؟
وكيف يكون الحديث نصّاً في جهله بما سيكون من بعده وهو دليلٌ على علمه بذلك؟
وإذا كان نصّاً في جهله مع ذلك،لزوم تجويز الكذب على الله، وهذا ما لا يتفوّه به مسلم كما قال، فافهم!!
لكنّ أهل السنّة يجوّزون جميع القبائح على الله، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً… فيكون صدور الكذب جائزاً عليه…
مضافاً إلى تصريح بعضهم بجواز الكذب عليه… فقد جاء في (شرح العقائد العضديّة) للدواني ما نصّه:
«واعلم أنّ بعض العلماء ذهب إلى أنّ الخلف في الوعيد جائز على الله تعالى، وممّن صرّح به الواحدي في التفسير الوسيط في قوله تعالى في سورة النساء: (ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم) الآية حيث قال: والأصل في هذا أنّ الله تعالى يجوز أن يخلف في الوعيد، وإن كان لا يجوز أن يخلف في الوعد، وبهذا اُوردت السنّة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما أخبرنا أبوبكر أحمد بن محمّد الأصفهاني السنجري، حدّثنا عبدالله بن محمّد الأصفهاني وزكريّا بن يحيى الساجي وأبو حفص جعفر السّلمي وأبو يعلى الموصلي قالوا: حدّثنا هدية بنت خالد، حدّثنا سهيل بن أبي حرم، حدّثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: من وعده الله تعالى على عمله ثواباً فهو منجز له ومن أوعده على عمله عقاباً فهو بالخيار.
وأخبرنا أبوبكر، ثنا محمّد بن عبدالله بن حمزة، حدّثنا أحمد بن الخليل، حدّثنا الأصمعي قال: جاء عمرو بن عبيد إلى عمرو بن العلاء قال: يا أبا عمرو، أيخلف الله ما وعده؟ قال: لا. قال: أفرأيت من أوعده الله تعالى على عمله عقاباً إنّه يخلف الله تعالى وعيده فيه؟ فقال أبو عمرو: من العجمة أتيت أباعثمان، إنّ الوعد غير الوعيد، إنّ العرب لا تعدّ عيباً ولا خلفاً أن تعد شرّاً ثمّ لا تفعل، بل ترى ذلك كرماً وفضلاً، وإنّما الخلف المحال أن تعد خيراً ثمّ لا تفعله. قال: فوجد هذا في العرب؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
وإنّي إذا أوعدته أو وعدته *** لمخلف ميعادي ومنجز موعدي
والذي ذكره أبو عمرو مذهب الكرام، ومستحسن عند كلّ أحد خلف الوعيد كما قال السري الموصلي:
إذا وعد السرّاء أنجز وعده *** وإن أوعد الضرّاء فالعفو مانعه
وأحسن يحيى بن معاذ في هذا المعنى حيث قال: الوعد والوعيد حقّ; فالوعد حقّ العباد على الله تعالى، إذ ضمن لهم إذا فعلوا ذلك أن يعطيهم كذا، ومن أولى بالوفاء من الله تعالى؟ والوعيد حقّه على العباد إذ قال لا تفعلوا كذا فإنّي اُعذّبكم، ففعلوا، فإن شاء عفا وإن شاء أخذ لأنّه حقّه، وأولاهما العفو والكرامة لأنّه غفور رحيم»(19).
(1) كتاب سليم بن قيس: 163.
(2) تفسير العياشي 1: 200.
(3) مجمع البيان 5: 68 بتفسير الآية 74 من سورة التوبة، عن الزجاج والواقدي والكلبي . والقصة مشروحة في كتاب الواقدي، إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 245 ـ 246 ط مؤسسة آل البيت. دلائل النبوة للبيهقي 5: 259، البداية والنهاية 5: 20.
(4) الخصال: 470، باب الأربعة عشر.
(5) انظر: البرهان في تفسير القرآن 2: 777 ط مؤسّسة البعثة.
(6) تنزيه الأنبياء والأئمّة: 75.
(7) تفسير البيضاوي 1: 136.
(8) صحيح مسلم 4: 1795/2295.
(9) جواهر العقدين 1: 269/ق2.
(10) المفهم ـ شرح صحيح مسلم 2: 641.
(11) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 8: 337.
(12) صحيح البخاري 4: 277.
(13) خصائص علي: 114/77.
(14) فتح الباري في شرح البخاري 11: 324، كتاب الرقاق، باب الحشر.
(15) الكواكب الدراري في شرح البخاري 23: 67، كتاب الرقاق، باب الحوض.
(16) الحاشية على شرح العقائد ـ تعريف الصحابي.
(17) شرح المواهب اللدنيّة بالمنح المحمّديّة 5: 337، القسم الرابع: ما اختصّ «ص» به من الفضائل والكرامات.
(18) جامع مسانيد أبي حنيفة 1: 64.
(19) شرح العقائد العضديّة.