الكلام في حديث معاذ
هذا، وقد نص الأئمة على بطلان ما رووه عن معاذ بن جبل في الإجتهاد والعمل بالرأي.
قال الذهبي في (الميزان):
«الحارث بن عمرو الثقفي، ابن أخي المغيرة، عن رجال، عن معاذ، بحديث الإجتهاد، قال البخاري: لا يصحّ حديثه.
قلت: تفرّد به أبو عون محمّد بن عبيدالله الثقفي عنه، وما روى عن الحارث غير أبي عون، فهو مجهول.
وقال الترمذي: ليس إسناده عندي بمتّصل»(1).
وفي كتاب (المغني):
«الحارث بن عمرو، عن رجال، عن معاذ. قال البخاري: لايصحّ حديثه»(2).
وفي (مرقاة الصعود) للسيوطي في شرح هذا الحديث:
«قال الحافظ جمال الدين المزي: الحارث بن عمرو لا يعرف إلاّ بهذا الحديث.
قال البخاري: لا يصحّ حديثه ولا يعرف».
وفي (تذهيب التهذيب):
«الحارث بن عمرو الثقفي ابن أخي المغيرة بن شعبة، عن اُناس من أهل حمص عن معاذ، وعنه أبو عون محمّد بن عبيدالله الثقفي: حديث أجتهد رأيي. قال البخاري: لا يصحّ»(3).
وفي (الكاشف):
«الحارث بن عمرو ابن أخ للمغيرة بن شعبة عن اُناس من أهل حمص، عن معاذ، وعنه أبو عون محمّد الثقفي في الاجتهاد. قال البخاري: لا يصحّ»(4).
وفي (التقريب):
«الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة الثففي، ويقال ابن عون مجهول. من السادسة»(5).
وهذا نصّ كلام الترمذي:
«باب ما جاء في القاضي كيف يقضي: حدّثنا هناد، ثنا وكيع، عن شعبة، عن أبي عون، عن الحارث بن عمرو، عن رجال من أصحاب معاذ، عن معاذ: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث معاذ إلى اليمن فقال: كيف تقضي؟ فقال: أقضي بما في كتاب الله. قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: فبسنّة رسول الله. قال: إن لم يكن في سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: أجتهد رأيي. قال: الحمد لله الذي وفّق لرسول رسول الله.
حدّثنا محمّد بن بشار، ثنا محمّد بن جعفر وعبدالرحمان بن مهدي قالا: ثنا شعبة، عن أبي عون، عن الحارث بن عمرو ابن أخ للمغيرة بن شعبة، عن اُناس من أهل حمص، عن معاذ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنحوه.
هذا حديث لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتّصل، وأبو عون الثقفي اسمه محمّد بن عبيدالله»(6).
وقال ابن حزم ـ وهو شيخ الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين ـ في (المحلّى):
«وحديث معاذ الذي فيه: أجتهد برأيي ولا آلو، لا يصحّ، لأنّه لم يروه إلاّ الحارث بن عمرو، وهو مجهول الحال لا يدرى من هو، عن رجال من أهل حمص لم يسمّهم، عن معاذ»(7).
بل في (مرقاة الصعود) عن الجوزقاني:
«هذا حديث باطل، رواه جماعة عن شعبة، وقد تصفّحت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه، فلم أجد له طريقاً غير هذا، والحارث بن عمرو هذا مجهول، وأصحاب معاذ من حمص لا يعرفون، ومثل هذا الإسناد لا يعتمد عليه في أصل من اُصول الشريعة.
فإن قيل: إنّ الفقهاء قاطبة أوردوه في كتبهم واعتمدوا عليه!
قيل: هذا طريقه، والخلف قلّد فيه السلف، فإن أظهروا طريقاً غير هذا ممّا يثبت عند أهل النقل رجعنا إلى قولهم، وهذا ممّا لا يمكنهم البتّة».
وإليك كلمة شاه ولي الله في (حجة الله البالغة) بعد كلام له:
«وإذا تحقّقت هذه المقدّمة، اتّضح عندك أنّ أكثر المقاييس التي يفتخر بها القوم، ويتطاولون لأجلها على معشر أهل الحديث، يعود وبالاً عليهم من حيث لا يعلمون»(8).
(1) ميزان الاعتدال 2: 175/1637.
(2) المغني في الضعفاء 1: 225/1242.
(3) تذهيب التهذيب تهذيب التهذيب 2: 132.
(4) الكاشف عن أسماء رجال الكتب الستة 1: 150/875.
(5) تقريب التهذيب 1: 143.
(6) صحيح الترمذي 3: 616 ـ 617/1327 ـ 1328 كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي كيف يقضي.
(7) المحلّى في الفقه 1: 62.
(8) حجة الله البالغة 1: 131.